رغم مرضه الذي ألزمه الإقامة في مدريد، للعلاج، منذ سنوات، إلّا أن المغنّي والمؤلّف الموسيقي الكوبي بابلو ميلانيس لم يشأ يوماً أن تنقطع علاقته مع بلده وجمهوره هناك، وكان من آخر لقاءاته بهذا الجمهور حفله في هافانا، في حزيران/ يونيو الماضي، حيث وقف أمام الآلاف من مستمعيه وغنّى لهم رغم المرض والتقدُّم في السنّ.
صباح اليوم الثلاثاء، رحل بابلو ميلانيس في مدريد، عن 79 عاماً، بعد تجربة كانت من بين الأكثر تميُّزاً في تاريخ الأغنية الكوبية واللاتينية، ومن أكثر تجارب القارّة شعريةً، حيث عُرف المغنّي الراحل بنصوصه التي جمعت بين التطلُّب الشعريّ والالتزام السياسي، رغم ما قد يقع بينهما من تضادّ.
وُلد الراحل في مدينة بايامو، جنوب كوبا، عام 1943. درس الموسيقى في "معهد هافانا المركزيّ"، وكان ما يزال عشرينياً عندما تحوّل إلى أحد وجوه الـ"نويفا تروفا"، ذلك النوع الموسيقي الذي وُلد من رحم الثورة الكوبية (1953 - 1959) وصدحت أصوات مؤلّفيه بأغان تُطالب بالعدل، والحرّية، وتنقد الكولونيالية، والظلم.
ومثل مجايليه، عُرف ميلانيس بدعمه لـ فيدل كاسترو في بداياته، لكنّه اتّخذ مسافةً من الثوري والرئيس الكوبي الراحل عندما بدأ هذا الأخير بالانفراد بسلطة بلاده، التي حكمها طيلة 49 عاماً. وكان ميلانيس من أبرز الشخصيات التي دعمت آلاف المتظاهرين الذين خرجوا في كوبا خلال الأعوام الماضية؛ رفضاً لتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
غنّى بابلو ميلانيس ضمن مختلف الأنواع الموسيقية التي وُلدت خلال القرن الماضي في القارّة اللاتينية، وترك خلال مسيرته أكثر من 40 ألبوماً حمل توقيعه الشخصيّ، إلى جانب العديد من الألبومات المشتركة مع فرق عمل معها؛ من بين آخر ألبوماته "حُبّ" (2019)، و"ولادة من جديدة" (2013) و"مثل حقل ذُرة" (2005).