لأكثر من خمسين عاماً، ظلّ الأكاديمي والمترجم المصري، محمد حمدي إبراهيم، الذي غادر عالمنا أوّل من أمس الإثنين عن عمر ناهز اثنين وثمانين عاماً، من أعمدة كلّية الآداب في "جامعة القاهرة"، وواحداً من أبرز المشتغلين بالترجمة في بلده بين اللغتين العربية واليونانية.
دافع الراحل، مع مجموعة من زملائه الأكاديميين والمترجمين في مصر والعالَم العربي، عن علاقة أكثر مباشرةً مع الجار اليوناني، خصوصاً وأن أكثر المعارف العربية عن البلد وثقافته وتاريخه وآدابه ما زالت تمرّ، حتى يومنا هذا، عبر وسيط (إنكليزي وفرنسي في الأغلب). وهو ما دفعه إلى تخصيص قسم من مسيرته للترجمة، حيث نقل أعمالاً في الأدب وتاريخه على وجه الخصوص.
من هذه الأعمال رواية "حياة ألكسيس زوربا ومغامراته" لـ نيكوس كازانتازاكيس، التي كان من أوائل مَن نقلوها إلى العربية مباشرةً من الأصل اليوناني، و"جغرافيات إراتوستينيس: شذرات"، و"الضفّة الغربية من النيل" لـ بيرسا كوموتسي، إلى جانب "مختارات من الشعر اليوناني الحديث".
إلى جانب الترجمة والتدريس، ساهم الراحل في المكتبة العربية عن الأدب والفكر اليونانيين، وكذلك الأدب اللاتيني، عبر العديد من المؤلّفات، من بينها "سيرة حياة فلافيوس يوسيفوس"، و"نظرية الدراما الإغريقية" إلى جانب بحوث في القرابة المصرية اليونانية وتاريخ حضور اليونان في الإسكندرية، مثل "الأدب السكندري"، وأُخرى أكثر تقنية، من بينها "عِلم النقوش".
بعد حصوله على درجة الدكتوراه من "جامعة أثينا" في علم البرديات اليوناني، التحق محمد حمدي إبراهيم بـ"جامعة القاهرة" عام 1972، حيث درّس اللغة اليونانية والآداب القديمة لنحو ثلاثين عاماً، وتدرّج في الوقت نفسه في مسؤولياته ليصبح رئيساً لقسم اللغة والآداب اليونانية فيها، ومن ثم عميداً للكلّية، ونائباً لرئيس الجامعة. كما شغل منصب مقرّر لجنة الترجمة في "المجلس الأعلى للثقافة"، إلى جانب إدارته لـ"المجلس العربي للدراسات العليا والبحث العلمي".