تنويعات على لوحات عمر جهان1
يرى الكون من ثقب.
يرى الكون من فوق أُرجوحة.
يسألُ: كيف ترتجف اليد، كيف تصرخ الكائنات؟
■ ■ ■
يضمّ قبضتيه على خلاء موحش.
من إبهامه يتدلّى اسم جريح.
يمدّ في أحلامه نهراً على ساق طائر القصبي.
يسألُ: أهكذا تشهق الكائنات؟
■ ■ ■
يتمهّلُ قليلاً:
قبل أن يُخفي السحابة في ثنية الكثيب
قبل أن يصل البريد إلى أصحابه
قبل أن يعرج في مشيته الكلام.
■ ■ ■
صارت الحمامة تضع بيضها في قبعته.
"القبّعة غابتي" يقول ضاحكاً.
■ ■ ■
أما آن أن تنفض الغمام من على أكفانك يا رجل؟!
■ ■ ■
سماءٌ زرقاء في عنق كلّ طائرٍ.
رملّ كثير ينهال من شقوق الروح.
رملٌ فرحان ورملٌ سكران.
■ ■ ■
سعفٌ بخطوط صفراء على الطاولة.
سعفٌ يفيض على جانبيه زبدُ البحر.
■ ■ ■
على أيّ ضفّة تفتح هذه النوافذ الولهى؟
على شجرة تين أم على تيهٍ عظيم؟!
■ ■ ■
لا تبتئس، السمكُ أيضا له روح أنثى!
■ ■ ■
كلبك وحده يشمّ رائحة الفجيعة.
لكنه لا يخبرك ولا يغادر عتبة الباب.
■ ■ ■
إلى الحفل، جاءت السمكة،
جاءت السلحفاة،
جاءت الراقصة،
وجاءت زفرة الرجل المسجّى على تابوت من طين.
■ ■ ■
ها قد بدأ المهرجان الغريب.
تقدّم واقطف تفاحتين من صدرها.
■ ■ ■
أنت وضعت الحلقة في فم التنين.
وضعت الحيرة في عينيّ الميّت.
وضعت النار في أوّل الدرب وفي أعلى الجبل.
■ ■ ■
قلتَ لي ونحن نمشي متمهلين:
لو أعطيتكَ سكيني ماذا تفعل به؟
■ ■ ■
الصخر ليس في الأرض فقط،
انظرْ إلى أعلى! هناك بيت الحجر.
■ ■ ■
أزحْ قليلاً صخرة الروح،
العين مليئة بالدموع!
■ ■ ■
كأنك تراني وأنا أمسّدُ بالزيت سرّتها!
■ ■ ■
البهو يفضي إلى بهو يفضي إلى بهو يفضي إلى ...
■ ■ ■
أجلس على المائدة، على يميني يجلس الكون.
■ ■ ■
ما تبتغي يا رجلُ؟!
أبتغي سراجاً لا ينطفئ فتيله.
■ ■ ■
صهٍ يا ليلُ!
■ ■ ■
مَن دلق النبيذ المعتّق على شعرة الميزان؟!
■ ■ ■
حسبكَ أنّك أيقظتَ الثعبان النائم على كفّ العرّافة.
■ ■ ■
كيف لهذا الصمت الملعون، لا يمسح لطخات الشعر؟!
■ ■ ■
الحقل الفارغ تلجأ إليه الفزّاعات الحزينة.
■ ■ ■
من زوّادة الطريق، ملعقة ودلّاع ناضج.
■ ■ ■
وأنت تقلّب العجين على الطاولة،
تعبرُ قدماك حقل الفول وحقل البازلّاء.
■ ■ ■
ألم يتعب القلب من ثقل كلّ هذه الأحمال؟!
■ ■ ■
الرأس كلّه جناح طائرٍ.
اليدُ بعضها سرير شهوة،
وبعضها مقصلة.
■ ■ ■
ألم تقل إن الجبل يتكئ على حرف؟!
■ ■ ■
أيّ بهاء!
شجرة توت أسود على طابية المقبرة.
■ ■ ■
كيف يتخفّف الثور من حزنه؟!
* شاعر ومترجم من ليبيا
1 عمر جهان فنان تشكيلي ليبي من مواليد عام 1950 بمدينة مصراتة؛ اختار المنفى في القاهرة والذي استمرّ من 1976 إلى 2012.