استمع إلى الملخص
- **دراسات متنوعة**: تضمنت الأعداد دراسات حول إعادة تعريف الفلسطيني، وظيفة القضاء الدستوري في الأنظمة السلطوية، القانون الدولي للمياه، والفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
- **مراجعات وتقارير**: شملت الأعداد مراجعات كتب مهمة وتقارير توثيقية عن التحول الديمقراطي في الوطن العربي والصراع العربي - الإسرائيلي.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" و"معهد الدوحة للدراسات العليا"، صدر العددان الرابع والستّون والخامس والستّون من الدوريّة العِلمية المُحكَّمة "سياسات عربية"، التي تُعنى بـ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كلّ شهرين.
وتضمَّن العددان في باب "دراسات" عدّة أوراق بحثيّة، حيث تناولت مي بركات وياسر العموري "إعادة تعريف الفلسطيني وفقاً لتشريعات دولة فلسطين وإشكالية المسَاس بالصفة التمثيلية لمنظّمة التحرير الفلسطينية"، وفي هذه الورقة، ينظر الباحثان إلى الإشكاليات المُركّبة التي تطرحها التشريعات الصادرة عن دولة فلسطين فيما يتعلّق بإعادة تعريف الفلسطيني؛ ففي الوقت الذي تبدو فيه هذه التشريعات تنظيمية لسياقات إجرائية معيّنة، فإنها تقدّم مفهوماً مختلفاً ومجتزأً للفلسطيني الذي حسمته مواثيق منظّمة التحرير الفلسطينية، وقد برزت إحدى تجلّيات هذه الإشكاليات في الانتخابات العامّة المؤجّلة في عام 2021.
تناول باب "دراسات" مفاهيم مثل وظيفة القضاء الدستوري، والقانون الدولي للمياه، والفصل العنصري وغيرها
"الوظيفة المزدوجة للقضاء الدستوري في الأنظمة السلطوية والتجربة الفلسطينية" عنوان دراسة رشاد توام وعاصم خليل، وفيها بحثٌ في سؤال: ما الذي يدفع نظاماً سُلطويّاً، أو بالأحرى قيادته، إلى أن يُفصّل التشريع على مقاسه، وينتهكه إذا شاء، ويستبدّ بالسلطات ويجمع بينها إذا شاء، إلى أن يدعم وجود قضاء يبدو مستقلّاً "شكلانيّاً"، ويسمح له بمناكَفته بالحدّ من سلطاته والتضييق عليه في مصالحه؟ تُعيد الدراسة إثارة هذا السؤال القديم الجديد، متّخذةً من التجربة الفلسطينية حالةً دراسية، استناداً إلى منهج تأصيلي تحليلي مركّب، باستقراء توجّهات القضاء الدستوري الفلسطيني.
وتقرأ سحر فريد يوسف في دراستها "القانون الدولي للمياه والاتفاقات الدولية والنزاع في حوض النيل الشرقي"، اتفاقية الأمم المتّحدة بشأن قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، وتُلخّص هذه الدراسة الموادّ ذات الصلة من الاتفاقية الأُممية المذكورة، وتناقش المعاهدات التاريخية محلّ النزاع، التي تولّت تخصيص الحقوق في مياه نهر النيل على مدى القرن العشرين. كما تُناقش أيضاً كيفية استخدام مصر وإثيوبيا مبادئ القانون الدولي للمياه لدعم موقفهما القانوني، على نحوٍ يجعل حلّ النزاع صعباً من الناحية القانونية.
بدورهم ينظر كلٌّ من إبراهيم المرشيد والحسين شكراني وإبراهيم منصوري، في ورقتهم المشتركة: "نحو بناء مؤشّر إحصائي لقياس الثقافة السياسية في البلدان العربية: أيّ منهجية في حقل العلوم السياسية؟" في إشكالية بناء مؤشّر إحصائي لقياس مستوى الثقافة السياسية في البلدان العربية، اعتماداً على التثليث المنهجي؛ أي استعمال أكثر من أداة لمعالجة خصائص الثقافة السياسية والعناصر المكوّنة لها، وكذا جمع البيانات وتصنيفها وتحديد الأسلوب الإحصائي الأمثل لحساب المؤشّرات الفرعية مع التركيز على القياس الكمّي.
كذلك يبحث فيصل مخيط أبو صليب في دراسته "الشعبوية في السياسة الأميركية: حالة إدارة الرئيس دونالد ترامب (2017 - 2021)" ظاهرة الشعبوية في السياسة الأميركيّة، من خلال التركيز على حالة شعبوية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ويرصد الجذور التاريخية لظهور الشعبوية في الولايات المتحدة الأميركية. وخلصت الدراسة إلى أنّ العديد من مظاهر الشعبوية اتّّضحت في خطاب ترامب السياسي، وأن مجموعة من العوامل ساهمت في تصاعد الشعبوية مع وصوله إلى السلطة، أهمها انعكاسات العولمة وتأثير بعض قواعد الحزب الجمهوري، وأهمّها حركة "حزب الشاي" وجماعات اليَمين الشعبوي.
وترمي ورقة امطانس شحادة وإيناس الخطيب: "السياسات الاقتصادية تجاه المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967"، إلى دراسة سياسات حكومات الاحتلال الإسرائيلي الاقتصادية تجاه المستوطنات الاستعمارية في الأرض الفلسطينية المحتلّة عام 1967، ضمن منظومة الاستعمار الاستيطاني، ودورها في تعزيز الاستيطان وتوسيعه بغية السيطرة على أوسع مساحة من الضفّة الغربية، منذ هيمنة اليمين على السلطة في "إسرائيل" مع عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة منذ عام 2009 إلى الآن.
واختتم نزار أيوب "باب دراسات" بدراسته "نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيّين في القانون والممارسة"، وفيها يستكشف الباحث أبرز معالم نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" الإسرائيلي، في فلسطين بالقانون والممارسة منذ إقدام الصهيونية، بوصفها مشروع استعمار استيطاني إحلالي، على التهجير الجَمعي للفلسطينيِّين في عام 1948 للحفاظ على أغلبية يهودية مُهيمنة (الأمّة المهيمنة) ومُسيطرة على فلسطين، ومتحكّمة في مختلف مفاصل الكيان السياسي الإسرائيلي المستحدث.
يقدّم كتاب بشارة، وفقاً للأفندي، مداخل مختصرة وواضحة لمسائل السياسة المقارنة
كذلك اشتمل العددان في باب "دراسة مترجمة" على ترجمة عبد الكريم أمنكاي لدراسة "ما الهويّة الإثنية؟ وما أهمّيتها؟" لكانشان شاندرا. وفيها تتطرّق أستاذة العلوم السياسية في "جامعة نيويورك" إلى كتاب "جماعات إثنية في صراع" (1985) لدونالد هورويتز، وكيف جنح علماء السياسة المقارنة، بعد صدور ذلك العمل، على نحو مُتزايد إلى اعتماد تصنيف مُتشابه للهويات الإثنية، على الرغم من عدم اتّفاقهم على التعريف الذي يُبرّر هذا التصنيف، فضلاً عن أنّ تعريفات كلّ واحد منهم لا توافق التصنيفات التي يقدمونها.
واشتمل باب "التوثيق" على تقرير لأبرز محطّات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي خلال المدّة بين 1 تموز/ يوليو و31 تشرين الأول/ أكتوبر 2023"؛ يليه مجموعة من الوثائق السياسية ذات الصلة بالتحوّل الديمقراطي في الوطن العربي الصادرة في تلك الفترة، وتقرير آخر حول "الوقائع الفلسطينية" والأحداث المرتبطة بالصراع العربي - الإسرائيلي الصادرة في الفترة ذاتها.
أمّا باب "مراجعات الكتب" فيقدّم فيه عبد الوهاب الأفندي قراءة لكتاب "الانتقال الديمقراطي وإشكالياته: دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة" (2020) للمفكّر العربي عزمي بشارة. ويرى الأفندي أنّ الكتاب يُقدّم مداخل مختصرة وواضحة لكثير من مسائل السياسة المقارنة، بدءاً من الديمقراطية وتعريفاتها وشروطها، وتاريخها وأهمّ المساهمات النظرية التي عالجت منشأها ومتطلّباتها وتحدّياتها، مروراً بأساسيات نظرية التحديث التي يُقدّمها خلفيةً للسجالات السياسية في نشأة الديمقراطية ومقوّمات استمراريتها. فضلاً عن أنه يُعرِّف بالعديد من المدارس التحليلية في العلوم السياسية، كما يدلف إلى قضايا محورية أُخرى، مثل الشرعية ومصادرها وتقلّباتها، ودور الثقافة السياسية في نشأة الديمقراطية أو استقرارها، وإشكاليات التعددية الثقافية ومزاياها من زاوية دعم الديمقراطية أو تقويضها.
كذلك يُراجع هوكر طاهر توفيق كتاب "الحركة القومية الكردية: نشأتها وتطورها" (2013) لوديع جويدة، الذي خلُص فيه صاحبه إلى الربط بين المشكلة الكردية وبين سياسات الدول العُظمى، وليس فقط للدول التي يقطن فيها الكُرد فحسب، بهدف إظهار أنه لا يُمكن لدولة رئيسة معنيّة بالشرق الأوسط تجاهل المشكلة الكردية، أو تجنُّب صوغ سياسة كردية، كجزء من سياستها لشرق أوسطية الكلية.
ويُختَتم العددان بمراجعة سنى الخطيب وسارة ناصر لكتاب "الرقابة الشاملة: نشأة السياسات الإسرائيلية في إدارة السكّان ومراقبتهم والسيطرة السياسية تجاه الفلسطينيّين" (2020) لأحمد السعدي. ويرى الباحثان أنّ كتاب سعدي، يأخذ على عاتقه مهمَّة الولوج في التاريخ ليبحث في الحيثيات، وينقّب في الأرشيفات التي حملت بين طيّاتها شواهدَ على نشوء سياسات الضبط والرقابة منذ نكبة عام 1948، ويقدّم للقارئ كتاباً في دراسة الرقابة الإسرائيلية على الأقلّية الفلسطينية التي لم تطلها عمليات التهجير والتطهير العِرقي داخل ما بات يُُعرف بدولة "إسرائيل". تُُعتبر هذه اللحظة التي شُيِّدت على أساسها سياسات الرقابة والضبط والإدارة السكّانية اللّاحقة نقطةَ بداية مرجعيََّة وحجرَ زاويةٍ مؤسّساً للمشاريع كلّها التي تطمح إلى دراسة السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيّين، والأبحاث المهتمة بسياسات الرقابة والضبط السكّاني على وجه العموم.