استمع إلى الملخص
- يعتبر الكتابة تعبيرًا عن المجتمع وهمومه، مشيرًا إلى دور الأدب في توثيق الصراعات الجيلية والاجتماعية، ويؤكد على أهمية الكتابة كأداة للتغيير والتأثير.
- يناقش التحديات التي تواجه الكتّاب في البيئة الثقافية بمصر، مثل العشوائية في النشر والنقد وصعوبة الوصول إلى الجمهور دون وسائل التواصل الاجتماعي، ملقيًا الضوء على صعوبات الكتّاب في العالم العربي.
تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح الجيل العربي الجديد من الكتّاب وانشغالاته.
■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
- من بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، توقّفتُ تماماً عن الكتابة. جرّبت حينها "حبسة الكاتب" التي طالما تندّرتُ عليها. لا أعلم السبب بالضبط، كنتُ أرى القذائف تتوالى فوق إخوتنا وأنا أمام التلفاز عاجز. توقّفتُ عن متابعة التلفاز تماماً، ثمّ - على غفلة منّي - يأتيني فيديو لطفلٍ اجتمع في عينيه الخوف والحيرة، وماذا حدث؟ بكيتُ وازداد إحساسي بالعجز إذ لا أقوى على مدّ يدي من خلال الشاشة لأقول له لا تخف. ثم لمّا رجعت إلى الكتابة بعدها، رجعتُ بنَفَس المسؤولية الجَمعية. لذا أقول إنّي مدينٌ لـ غزّة، إذ لا أحتمل أن أقف مع الجانب الجبَان من التاريخ.
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
- كلّ كتابة هي تعبيرٌ عن مجتمعها، لغته وهمومه، والجديد في الكتابة من وجهة نظري، هو الجديد في المجتمع الذي يرفع بعضاً ويَخفض آخر. وكلُّ جديدٍ، مهما كان، لهُ سَلَف إلّا إن ظهر إنسان جديد غير الذي نعرفه.
تهيمن العشوائية على بيئة الثقافة في النشر والنقد والقراءة
■ هل تشعر في نفسك أنك جزء من جيل أدبي له ملامحه، وما هي هذه الملامح؟
- قديماً لم أكن مقتنِعاً بفكرة المُجايَلة حتى كتبتُ مجموعتي القصصية الثانية "رأيت البحر" التي حاولت فيها توثيق هموم جيل "Y" في مصر؛ ذلك الجيل الذي وعى على الدنيا بحضور الثورة، ثم هو يتعامل مع العالَم بثوريته الداخلية وإحباطه الظاهر. هذه ثيمة هذا الجيل كُتّاباً كانوا أم قرّاءً، ينحتون الصخر ولا يجدون الماء، أو كما صغت في عنوان الكتاب، جيلٌ يُحاول أن يرى البحر.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- أشعر دائماً بعبء إكمال الطريق، لا أزعم أنّي مُهمّ للغاية، لكن حين أكتب قصصاً تاريخية مثل "الوحل والنجوم" ففي خلفيّتي ما كتب أستاذنا محمد المنسي قنديل، وأسعى لأكون خطوة جديدة في المسار الذي شكّل فيه خطوة بدوره. كذلك أرى أن علينا الوقوف على منجز أساتذتنا من الأجيال السابقة خاصة من عصر النهضة، الشدياق واليازجي وطه حسين.. إلخ. أرى أنه لا بدّ للكاتب أن يُدرك موضع قدمه ممّن سبَقه من "الأُصلاء".
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- بصراحة لا أجد ما يُمكن توصيفه بـ"البيئة الثقافية"، إذ كلّ شيءٍ عشوائيّ بقدرٍ ما. أين البيئة النقدية المُنظَّمة؟ أين الناشرون العاملون باحترافية؟ لو استطاع الكاتب نشر كتابه - بعد توصية - فلن يجد الناشر متحمّساً لصُنع غلافٍ جيّد أو تنسيق داخلي مُحترم، ولو كان حسَن الحظّ مثلي بناشر جيّد، فلن يحظى بتقديمٍ جيّد أو نقد للكتاب. وأقول إنّ الكُتّاب غير النشطين على وسائل التواصل، محكومٌ عليهم بالإعدام، فلو نَشَر لن يُنقَد، ولو نُقد لن يُقرَأ، ولو قُرِئ مرّة فلن يُنشر له الثانية حتى يُقرأ من جديد، ثم بعد كلّ ذلك لن يحظى بعائدٍ مادّي يكفيه وحده، فضلاً عمّن يَعُول. هذا، غير مشكلات أُخرى كالعمل في غير الصحافة. فعملي طبيباً يُبعدني عن دائرة الكُتّاب والنقّاد، فمثلًا كتابي الذي رُشّح لـ"جائزة الشيخ زايد" لم يُكتَب عنه أيّ عرض أو نقد أو مراجعة في أيّ صحيفة إلكترونية أو ورقية. لا أحبّ دور الضحيّة فلست مقصوداً بالإهمال طبعاً، لكنها العشوائيّة كما ذكرت.
بعد "الوحل والنجوم" و"رأيتُ البحر" أنهيتُ مؤخّراً عملاً بعنوان "المجراويّة"
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- كان بيني وبين الأستاذ أحمد الديب، الكاتب السكندري صاحب "حكايات بعد النوم"، بعض المُراسلات منذ 2018، حتى قرّر من تلقاء نفسه أن يتوسّط لي، على غير عادته، عند دار نشر "عصير الكتب"، فنشرتُ معهم كتابي الأوّل "الوحل والنجوم" عام 2022. كان عمري وقتها ستّة وعشرين عاماً.
■ أين تنشر؟
- في ما يخصّ الكتب فلا أنتمي إلى دار نشر معيّنة، نشرتُ "الوحل والنجوم" مع "عصير الكتب" ثمّ "رأيت البحر" مع "كتوبيا"، وقد يكون الكتاب القادم في دار نشر جديدة. وهذا التنوّع يرجع في الأساس إلى نوع الكتاب، فحتى اليوم كان حظّي جيّداً مع الناشرين الذين عملت معهم. غير ذلك أنشر على حسابي في فيسبوك. نشرتُ قبل ذلك في مواقع إلكترونية معروفة، لكنّ المواضيع التي نشرتها في تلك المواقع لم تحظَ بأيّ مردود معنوي، إذ تحتاج إلى اسم معروف ليُقرأ فاكتفيت بصفحتي على فيسبوك.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك بالقراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- كُنتُ عشوائيّاً حتى انقطعتُ فترة طويلة عن القراءة في امتحانات العامين الأخيرَين من الكلّية. عدتُ بعدهما أكثر تنظيماً فلا أميل إلى الكتب "التريندية" أو حتى المشهورة بجودتها، لكنّها خارج دائرة اهتماماتي. صرتُ أكثر ميلاً إلى التخطيط، سواء كان في المجالات التي أنوي الاستزادة المعرفية فيها، أو في الكتب اللّازمة للمشاريع التي أعمل عليها. كانت الثمرة العُظمى للتخطيط، اكتشافي لـ"الدراسات الأكاديمية" التي صارت جزءاً ركيزاً من قراءاتي الدورية.
■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- إلى جانب العربية، أقرأ بالإنكليزية، وقد ترجمتُ عنها بعض المقالات، بالإضافة إلى كتابَين في طور الترجمة.
■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرجَم أعمالُك؟
- منتهى أمل الكُتّاب أن يُقرَؤوا ويلقوا النقد اللازم للتطوّر الفكري والقلمي. ولو لم تقم الترجمة إلّا بذلك لكفاها. لكن، وبمنتهى الصراحة، حين عرفتُ أنّ إحدى دور النشر البرازيلية تعاقدت على ترجمة كتابي "الوحل والنجوم" للبرتغالية، شعرتُ بالخجل. قلتُ لنفسي أول الأمر: لا تستحقّ. لكنّني رجعتُ وقلت: ربّما يقرأ برازيليٌّ أسمر عانى العُنصرية قصة السُّليك بن السّلكة فيتأثّر أو يشعر بالاتّحاد معه. رجعتُ لأقول لنفسي: ربّما تستحقّ!
■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
- انتهيتُ من كتاب تحت تصنيف "المجراويّة" عن عام قضيته في أسوان، أحكي فيها أبرز "ما جرى" في مزجٍ بين النثر والشعر. هذا بالإضافة إلى رواية لم تستقم لي حتى الآن، وآمل أن ترضى عنّي شخوصها قريباً.
بطاقة
قاصّ وطبيب أطفال مصري من مواليد عام 1996. له مجموعتان قصصيّتان: "الوحل والنجوم" (2022)، و"رأيتُ البحر" الصادرة هذا العام.