صوت جديد: مع تسابيح إرشيد

26 أكتوبر 2024
تسابيح إرشيد
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسابيح إرشيد تناقش تأثير العدوان على غزة في تعزيز التركيز على القضية الفلسطينية وكشف الانقسامات بين الشعوب العربية، وتدعو المثقفين لتعزيز الوحدة ورفع المعنويات.
- تعبر إرشيد عن قلقها من افتقار الكتابة الشبابية للعمق والتركيز على الروايات على حساب الفكر، وتدعو لتعزيز دور الجامعات في نشر الفكر الرصين.
- تصف إرشيد نفسها كجزء من جيل وسيط، مستفيدة من أعمال الأجيال السابقة، وتعمل على بحوث في الأدب والنقد وتحضر لأطروحة الدكتوراه.

تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "صورة النصر يجب أنْ تبقى حيّة في الأذهان"، تقول الباحثة الأردنية تسابيح إرشيد لـ"العربي الجديد".



■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- الحرب على غزّة لها تبعاتها على الساحة العربية، وقد ألقت بظلالها على المشهد الثقافي العربي بكل تأكيد، فإن الذي حدث قبلَ بداية العدوان أعاد البوصلة إلى القضية الفلسطينية بكل قوة، والصفعة التي تلقاها الكيان الصهيوني في السابعِ من أكتوبر كانت كفيلةً بأن تُغير العقلية العربية في صراعها مع الكيان الصهيوني، لذلك شنّ الكيان الصهيوني حرب الإبادة هذه على قطاع غزة بتأييد كثير من الدول الغربية ودعمها. ولكن هذا العدوان نتج عنه بحكم طبيعة المقاومة انشغال العقل العربي بقضيته أكثر من أيّ وقت مضى، وقد عرّى هذا العدوان واقعنا المتجزئ، والانقسام العميق الذي أحدثته آلة الإعلام الغربية بمؤسساتها الفكرية بين الشعوب العربية، وما هذا العدوان إلا محاولة من هذا الوحش الهائج لمسح صورة الانتصار التاريخي للمقاومة في السابع من أكتوبر من الذاكرة العربية. ويبدو أن هذا الأمر بعيد المنال مهما مارسَ الاحتلال من مجازر وإبادة بحق الشعب الفلسطيني، كما أن الحفاظ على هذه الصورة، صورة النصر، يجب أنْ يبقى حيّاً في العقول والأذهان. ومن هنا يقعُ على المثقفين العرب وأصحاب الفكر الحرّ واجب رفع المعنويات وتحفيزها لدى الجمهور العربي بما يزيد من ثقافته التي يبدو أنها ستحدد مصير المنطقة في حال تكوّن واستقر رأي عام أغلبي على ضرورة وحدة الموقف في مواجهة هذا العدو الهمجي الهائج.


■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟

- اقترن مفهوم الكتابة الجديدة بالرواية التي يكتبها الشباب من هذا الجيل بشكل رئيس، وبفنونِ الأدب الأخرى كالقصصِ وقصيدة النثر، وكانت أكثر المؤلفات في العامين الماضيين روايات وقصص، إذ طغت هذه الروايات على المؤلفات العلمية والفكرية الأخرى، ولم تتحددْ معايير هذه الكتابة الجديدة بوضوح إذا ما قوبلت بالكتابات التي وضعها المؤلفون السابقون في العقود الماضية، ولكن انتشار الرواية إلى هذا الحد على حساب الكتابة في العلومِ الأخرى والفكر المعاصر، يُعطي انطباعاً سلبياً عن المشهدِ الثقافي العربي العام، لأن الإقبال الزائد على الرواية على حساب كتب العلوم والفكر من شأنه تسطيح الفكر الشبابي، وإفراغه من العلوم والمعارف والقضايا المهمة التي تناولها مفكرونا العظماء في العقود الماضية في مؤلفاتهم الفكرية العميقة. فهذه التسمية الجذابة، الكتابة الجديدة، في ظاهرها تطرح تساؤلاتٍ كثيرة عن دور الجامعات والمؤسسات العلمية في نشرِ الفكر الرصين والأصالة الثقافية بين الأجيال الجديدة. 

القراءات المنهجية تُنمي القدرة على الابتكارِ الفكري والنقد

والرواية كما هو معلوم تعتمد على الموهبة وليسَ التحصيل العلمي والفكري. وكثير من الروايات الجديدة تدور حول أحداث جزئية غير مترابطة ولا اتصال لها بالواقع، ولا تضيف فائدة تُذكر لما نحتاجه في هذه المرحلة المهمة من واقعنا العربي. مِنْ جهة أخرى، تقوم الكتابة الجديدة على نزعِ صلة الكاتب بما يكتب، واختفاء الشخصية المحورية في الرواية، مما ينزع القضايا المهمة التي يُريدها الكاتب عن نصّه، بخلاف الكتابة التي تقابل هذا المصطلح، والتي ظهرت في العقود الماضية وقامت على فلسفات عرفتها البشرية في العصرين الحديث والمعاصر، فخلت الكتابة الجديدة من التعمّق والإفادة، واتسمت بالسطحية والبُعد عن القضايا المجتمعية، فأصبحت هذه الكتابة شيئاً من الترف الفكري الهامشي لا أكثر.


■ هل تشعرين نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟

- أعدّ نفسي من الجيل الوسيط الذي اتصل معرفياً بالجيل السابق، جيل العظماء من المفكرين الذين كانوا سبباً في تحولاتٍ فكرية كثيرة في العالم العربي، إذ شهد الجيل السابق صعوداً قوياً في شتى المجالات الأدبية والفكرية والإنسانية، وبين الجيل الجديد الذي نشأ في عصرِ الثورة الصناعية الرابعة، والسرعة التكنولوجية التي ألغت كثيراً من الجوانب الإنسانية والفكرية التي عرفها الجيل السابق، فهذا الجيل الذي نشأت فيه يُكثر من عقد المقارنات بين القديم والراهن، ويشعر بالأسف أحياناً للأوضاع الجديدة التي أحاطت بالجيل الجديد بسبب القضاء على الكثير من مظاهر الأصالة الفكرية والحياتية، وفي الوقت نفسه يشعر بأنه محظوظ لكونه يشهد التكنولوجيا المتطورة التي تعيشها البشرية في الوقت الراهن.


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟

- القدر الأكبر من قراءاتي هي للأجيال السابقة، ولذلك فعلاقتي مع الأجيال السابقة علاقة استفادة من أعمالهم.


■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟

- تمتاز البيئة الثقافية في الأردن بنشاط ثقافي واسع من مختلف التيارات الفكرية، وهذا نتج عنه تفاعل بين المهتمين بالفكرِ والثقافةِ مع الأوساط العلمية والثقافية كالجامعات والمعاهد والصالونات الأدبية، وأنا كغيري من المهتمين بالأدب والفكر والفلسفة، كنتُ ولا زلت أسعى إلى تطوير ذاتي في هذا الميدان من خلالِ البرامج الجامعية، والدراسات العليا، وآخرها التحاقي ببرنامج الدكتوراة في قسم اللغة العربية وآدابها في الجامعة الأردنية.

العدوان محاولة من الوحش الهائج لمسح صورة انتصار المقاومة 

■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟

- صدرَ كتابي "إشكالية الوجود والعدم في شعر محيي الدين بن عربي" بدعم من وزارةِ الثقافة الأردنية، وصدر عن "دار النور المبين"، وكنتُ في مطلع الثلاثين من عمري.


■ أين تنشرين؟

- نشرتُ بعض المقالات في مواقع عربية، ومجلات علمية.


■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟

- في هذهِ الأيام، كوني ملتحقة ببرنامج الدكتوراه، فإنني أقرأ قراءات منهجية في المراجع المتخصصة، وتجدر الملاحظة بأن القراءة العشوائية لا تصنع مفكراً أو باحثاً، بل غاية ما تفعله وأقصى ما تحققه الثقافة العامة، بينما القراءات المنهجية من شأنها أن تُنمي الملكات المعرفية والقدرة على الابتكار الفكري والنقد.


■ هل تقرئين بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟

- أقرأُ باللغة العربية فقط.


■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مترجَمة؟

- لا شكّ بأنّ الترجمة لها دور كبير في نقل العلوم وتلاقي الثقافات، ولكن، وللأسف، فإن أغلب أعمال الترجمة تدور حول ترجمة الروايات والقصص وبعض الكتب الفلسفية، ولا تولي إطلاقاً اهتماماً بالكتب العلمية المنهجية، فمعظم الكتب التي كُتبت في العلوم المعاصرة كالطب والهندسة، وغيرهما من العلوم، لا توجد لها ترجمات عربية، مما يقتضي تأخر اللغة العربية عن مواكبة العلوم المعاصرة، فيبقى صاحب الاختصاص تابعاً للغات الأجنبية لفهم وتعلّم العلوم التي بها تحقق الدول تقدّمها. أما الرغبة في كوني كاتبة مترجمة، فبالطبع هذا أمر يرغبه كل كاتب، لأن من شأنه نشر فكره إلى العالمية.


■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟

- في الوقت الراهن أعمل على مجموعة بحوث في الأدب والنقد، وأُحضر لأطروحة الدكتوراه في الأدب الأندلسي.



بطاقة

باحثة أردنيّة من مواليد نابلس عام 1987، باحثة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها في الجامعة الأردنية، حاصلة على درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها - الجامعة الأردنية. لها كتاب منشور بعنوان "إشكالية الوجود والعدم في شعر محيي الدين بن عربي".

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون