استمع إلى الملخص
- **فهم الكتابة الجديدة والانتماء الأدبي:** دينا لا تؤمن بوجود "كتابة جديدة" بل ترى أن التجديد يمكن أن يكون في الأعمال القديمة، وتؤكد على أهمية المغامرة في الكتابة بدلاً من الثبات على ثيمة واحدة.
- **العلاقة مع الأجيال السابقة والبيئة الثقافية:** دينا تقيم علاقة جيدة مع الأدباء السابقين من خلال القراءة، وتعيش في بورسعيد مفضلة العزلة، لكنها تندمج مع الكتّاب المعاصرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحضور الندوات.
تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "المغامرة في الكتابة نجاة"، تقول الكاتبة المصرية دينا شحاتة لـ"العربي الجديد".
■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
- ونحنُ على قرابةِ عامٍ من بدء العُدوان على غَزّة، أرى أن العالم الذي أعرفه، تهدَّم وأُعيدَ تشكيله مرَّةً أُخرى، بشكلٍ أقلّ إنسانيّة وأكثر قسوةٍ وسط مشاعر من الغضب والأسى وغياب العدالة وحقوق الإنسان. في خِضَمّ كلّ ذلك الدمار، كنتُ أُتابع مسار الكلمات المكتوبة، كيف تُعبِّر عن الإبادة، ومن بين الأخبار، استوقفَتني المُذكّرة الداخليّة التي حصلت عليها صحيفة "The Intercept" من "صحيفة نيويورك تايمز"، بخصوص تغطيتها "الصراع"، طَلَبْت هذه المذكّرة من الصحافيّين تقييد استخدام مصطلحاتٍ مثل: "الإبادة الجماعيّة" و"التطهير العِرقي" عند وصف الوضع في غَزّة، وتجنُّب استخدام عبارة "الأراضي المحتلّة" في سياق فلسطيني. غيابٌ تامٌّ للشفافية في التقارير الإعلاميّة وتقييد الكتابة عنها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما هو الحال مع الإبادة الصهيونية في غزّة، أمرٌ خطير.
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- لا أعتقد بوجود "كتابةٍ جديدة"، أقرأ أعمالاً أدبيّة كُتبت منذ فترات بعيدة، وأستطيع أن أُميِّز فيها إلى الآن التجديد والحداثة، وروايات كُتبت منذ سنوات وكانت مثالاً على التجريب وأصبحت بمرور الوقت روايات أقرب إلى الكلاسيكيّة، ما يشغلني - بشكل شخصيّ - عند كتابة نصٍّ جديد، تلك القاعدة التي كتبتُها منذ فترة وأحتفظ بها دوماً في عقلي: "الوصول لحافة الفشل في الكتابة أقلُّ خطراً من الثبات على ثيمةٍ واحدةٍ حتّى إن أثبتت نجاحها". المُغامرة في الكتابة نجاة، حتّى إن لم تُوفَّق، سيأتي مَن يكتب على امتداد ذلك الخطّ، أمّا الوصفات الجاهزة، حتى إن كان مذاقُها جيّداً، تُضيّق أُفق الفنّ.
الفشل في الكتابة أقلُّ خطراً من الثبات على ثيمة واحدة
■ هل تشعرين نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- لا أشعرُ بانتمائي لجيلٍ أدبيّ واضح. في السابق يُمكن تتبُّع صفاتٍ مشتركة لجيلٍ أدبيٍّ تجمعهم صفاتٌ محدَّدة، كجيل الستينيّات وما بعده، ربّما لكوني جزءاً من المشهد الثقافيّ، أغفل عن النظرة الشاملة لرؤية جامعة. الوقت الحالي من تاريخ العالَم، مرَّ كُتّابُهُ بالعديد من التحدّيات العاصفة، تاريخ كبير من الثورات وجائحة كورونا وأزمات اقتصادية ونوافذ مفتوحة دوماً من وسائل التواصل الاجتماعي، أشعر أكثر بذلك التماهي والضياع وانغلاق المرء على ذاته طلباً للنجاة، ربّما بعد سنوات، في المستقبل القريب، يمثّل ذلك - إن التزم الكُتّاب بالصدق في الكتابة - ملامح جيل أدبي.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- علاقة جيّدة، وتقتصر بالأساس على القراءة. الأدب الجيّد صديق عظيم، كلّ الأدباء الجيّدين هُم أصدقائي بالتبَعيّة حتى إن لم نتواصل مطلقاً، وربّما تُتيح وسائل التواصل الاجتماعي التواصل مع العديد من الكُتّاب لنقاش سريع عن الأدب وبعض الانطباعات والأسئلة وتبادل الرؤى.
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- أُقيم في مدينة بورسعيد، بعيداً عن مركزيّة القاهرة، يُمكن اعتباري على الهامش قليلاً، وإن كان الهامش يظلّ اختياراً شخصيّاً، أُفضِّل بعض العُزلة التي تناسب شخصيّتي الانطوائية، وأنشغلُ بالحفاظِ على "نقاء" صوتي الخاص في الكتابة، وإن كنت متواجدة بشكل جيّد على وسائل التواصل الاجتماعي، وأندمج مع المُعاصرين من الكتّاب بحضور الندوات ومناقشة أعمالهم.
كلّ الكتّاب الجيّدين أصدقائي وإن لم نتواصل مطلقاً
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- نُشرت روايتي الأُولى "غفران" عام 2018 بعد تردُّدٍ دام لأكثر من ثلاث سنوات أعدتُ فيها كتابتها، كان عمري ثلاثين عاماً، حينها قرَّرت النّشر.
■ أين تنشرين؟
- أَنشر حاليّاً في دار "العين للنشر والتوزيع".
■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- علاقتي مع القراءة تترواح بين بحث وعثور، أمّا البحث، فينقسم إلى قسمين: الأول، إعادة قراءة مشروع كاتبٍ محدّدٍ لرؤيةٍ شاملةٍ لأدبه، وحاليّاً أُعيد قراءة مشروع نجيب محفوظ. والقسم الثاني، قراءة أعمال أدبية وكُتب لها صلة بما أكتبه، من روايات ومراجع وأبحاث. وخطة عشوائيّة تندرج تحت بند العثور، حيث أختار دوماً قراءة روايات وكُتب للاستكشاف، بدون أيّ معرفة مُسبقة أو قراءة تقييماتها أو مقالات نقديّة عنها، ألتقطُ الكتاب من رفّ المكتبة أو أختاره من تطبيق إلكتروني للقراءة، وأبدأ على الفور بقراءته، وفي ذلك متعة عظيمة إن صادفت جودة عالية. أُحبّ دوماً أن أُفسح مجالاً للصُّدفة.
■ هل تقرئين بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟
- في أحيانٍ نادرة، أقرأُ باللغة الإنكليزيّة إن تَعذّر عليّ إيجاد ترجمة جيّدة للكتاب، لكن تظل اللغة العربيّة هي اللغة الأساسيّة للقراءة، وفي الأعمال المُترجمة، أبحثُ بشكلٍ جادٍّ عن أفضلِ ترجمةٍ، حتى أنَّ اسم المُترجم على غلاف العمل قد يُوازي بالنسبة إليَّ نفس أهمّية اسم الكاتب.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مُتَرجَمة؟
- أنظرُ إلى الترجمة كما أنظرُ إلى الكتابة، محض تعقيد جميل، في الكتابة محاولة لترجمة أفكارك ورؤيتك على الورق بأقلِّ قدرٍ من سوء الفهم، الترجمة كذلك تعقيدٌ جميل لما كتبته لا يخلو من سوء فهم آخر. أُحبُّ أن تُترجَم أعمالي بالطبع، يعطيها ذلك أُفقاً جديداً للقراءة وقرّاءً جُدداً.
■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أكتب الآن مجموعة قصصية. أمّا إصداري القادم فرواية تاريخيّة تصدر قريباً عن "دار العين" في القاهرة.
بطاقة
كاتبة مصريّة من مواليد بورسعيد عام 1987، حاصلة على البكالوريوس في الطب البيطري. صدرت لها أربع روايات: "غُفران" (2018)، و"ثلاثاء آخر" (2021)، و"رحيل وغربة" (2021)، و"ما ألقاه الطير" (2024).