تقف هذه الزاوية، من خلال أسئلة سريعة، مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "يحتاج جيلنا إلى الوقت ليرسّخ نفسه وملامحه"، تقول الكاتبة اللبنانية في لقائها مع "العربي الجديد".
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- لا أظنّ أنّه يمكننا أن نتحدّث عن كتابة جديدة بمعنى محدّد. كلُّ رواية هي جديدة، وكلُّ نصّ هو مبدع وفريد من ناحية تقنيّات السرد والأسلوب. أمّا في ما يخصّ التيّارات الأدبيّة التي تسود الأدب العربيّ، فنلاحظ اليوم ميلاً إلى الواقعيّة المحفوفة بالهدم، هدم صورة البطل التقليديّ، وهدم التقدّم السرديّ الكرونولوجيّ، وهدم الفضاءات المتوقّعة، وهدم القيم الكلاسيكيّة، وغيرها. وهو أمر تجريبيّ جميل ومفيد، شرط أن يكون الكاتب قادرًا على التحكّم بزمامه. الإنسان العربيّ اليوم في طور هدم ما يكبّله ليكتشف ذاته ومجتمعه وإمكانيّاته.
■ هل تعتبرين نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه، وما هي هذه الملامح؟
- أتمنّى أن أكون ضمن جيل أدبيّ شاب يترك أثرًا في الأدب العربيّ، إنّما ما زال الأمر مبكرًا للحديث عن ملامح، فالملامح هي مجمل الأعمال والنصوص والرؤى التي سيغربل الزمن غثّها من سمينها ويُبقي على الجيّد منها فقط. جيلنا اليوم متهافت على الأمور، يكتب الرواية لأنّها رائجة، يكتب الشعر لأنّه متخبّط، يكتب على فيسبوك، يكتب مقتطفات، شذرات، يحاول التقاط أنفاسه واللحاق بالتكنولوجيا والرأسماليّة والحرّيّة السياسيّة والفكريّة والأيديولوجيّة. جيلنا اليوم يحتاج إلى الوقت ليرسّخ نفسه وملامحه.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- أحبّ قراءة الكتب الكلاسيكيّة وأؤثرها ولا أشبع منها. أعشق الكلاسيكيّات وفي معظم الأحيان تُتعبني الروايات المعاصرة لما فيها من افتعال وتخبّط مع اللغة.
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- صحيح أنّ بيروت غارقة اليوم في مستنقعات الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، لكنّها ما زالت رديف حرّيّة التعبير والتأليف والطباعة، ما زالت الأساس بالنسبة إليّ. أنتسب إلى عدد من نوادي القراءة والمكتبات وأتابع نشاطاتها وأجد مجهودها محمودًا وجميلًا. شخصيًّا، لديّ ضعف تجاه بيروت والقاهرة، أجد أنّهما مدينتان لا يمكن لإنسان عاقل ألّا يعشقهما.
الإنسان العربي اليوم في طور هدم ما يكبّله ليكتشف ذاته وإمكانيّاته
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدرت روايتي الأولى "السماء تهرب كلّ يوم" عام 2015 وأنا في الخامسة والعشرين من عمري لدى "دار هاشيت- نوفل"، وهي دار لبنانيّة شابّة محترفة عملَت على تحرير نصّي ومناقشتي فيه قبل نشره. ونشرت روايتي الثانية لدى الدار نفسها نظرًا إلى طيب العلاقة بيننا، وقد صدرت روايتي "الجنّة أجمل من بعيد" منذ أشهر قليلة.
■ كيف تقرأين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- أقرأ كلّ ما له علاقة بالرواية ونقدها وتقنيّاتها عمومًا، فبحكم تحضيري لأطروحة دكتوراه في النقد الأدبيّ، أراني أقرأ نصوصًا منهجيّة علميّة في النقد وفي سوسيولوجيا الأدب، أمّا في الأمسيات وفي أوقات فراغي فأقرأ الروايات، منها تلك التي أقدّم طرحًا سريعًا عنها في الصحافة، ومنها القديمة أو المترجمة التي أقرأها لرغبة شخصيّة.
■ هل تقرأين بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- أقرأ بالفرنسيّة والإنكليزيّة، وكنت أتمنّى لو تعلّمت الروسيّة لأقرأ دوستويفسكي وتشيخوف وغوغول في لغتهم الأصليّة.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرْجَم أعمالُكِ؟
- الترجمة أمر مفيد جدًّا للكاتب ولأعماله وللأدب العربيّ بشكل عامّ، فنحن في حاجة لأن يقرأ العالم إنتاجنا لغايات أدبيّة، وليس فقط ليفهم تركيبة هذا المجتمع الدينيّة والسياسيّة والسوسيولوجيّة. يقرأنا العالم "حشريّةً" فقط، ليكتشف هذا الإنسان العربيّ المخيف في نشرات الأخبار والموسوم بآلاف الأحكام المسبقة، إنّما أدبنا جميل ويستحقّ أن يُدرَس لتقنيّاته وأساليبه، وليس لما يقدّمه من تلصّص على المجتمع العربيّ. طبعًا أتمنّى أن تُترجم روايتاي الاثنتان، لكنّني أجد أنّه قبل أن يصل الدور إليّ هناك آلاف الكتب من تراثنا الفكريّ التي تستحقّ أن يقرأها القارئ الأجنبيّ.
■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟
- اليوم جعبتي فارغة من الروايات وأركّز على أطروحتي. بعد نشر روايتي الثانية مؤخّرًا لا بدّ من أن أقرأ كثيرًا وأعيش كثيرًا لأملأ مخيّلتي بشخصيّات جديدة وفضاءات سرديّة تستحقّ النشر.
بطاقة
كاتبة لبنانيّة من مواليد جنوب لبنان 1990. لها مقالات ثقافيّة في عدد من الجرائد والدوريّات العربيّة، وتعمل حاليًّا على أطروحة دكتوراه في النقد الأدبيّ في "جامعة السوربون" بباريس. صدر لها في الرواية: "السماء تهرب كلّ يوم" (2015)، و"الجنّة أجمل من بعيد" (2021).