تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع وجه جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "أنا من جيل واكب ثقافات متنوّعة وثورة وانتقالاً ديمقراطياً" تقول الباحثة التونسية في حديثها إلى "العربي الجديد".
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- لا أعلم إن كان الجيل العربي الجديد ينتقل إلى كتابة جديدة أم لا، باعتبار أنّ كل جيل يزعم أنه ينقل الواقع أو يعبّر عن واقعه بطريقة مبتكرة وخلاّقة. لذلك، إن كانت هناك فعلاً كتابة جديدة، سواء على المستوى التقني أو الإبداعي، فهي حتماً كتابة نقلت عدّة مشاغل يمرّ بها الشاب العربي. عدّة محطات كانت حاسمة في رسم ملامح إنتاجه الإبداعي، ولعلّ أهمّها الثورة التكنولوجية الحديثة بما تحمله من وسائل وتقنيات تواصُل جعلته يغيّر أساليبه التواصلية في لمحة عين، فجيل مواليد التسعينيات مثلاً ترك ألعاب صباه ومخزونه الثقافي الذي كان يتغذّى من المكتبات العمومية وحلقات النقاش بكلّ ما تحمل من أدوات للتواصل، لتصبح حياته فجأةً تعتمد على كلّ ما هو افتراضي. ثمّ هناك مواكبةُ الثورات العربية التي كان لها أثر في تنمية "الحياة الثورية"، أي تغيير طريقة التعبير و"ممارسة التمرّد" في أبهى تجلّياته الفنية، وانتشار ثقافة المجتمع المدني والابتكار والاختلاف والتنوّع. كلّ هذه الأسباب تخلق كتابة جديدة تُجاري التغيُّر الاجتماعي والمفاهيم الجديدة، وتحاول، قدر الإمكان، نشر ثقافة مستوحاة من نبض المجتمع. ومن تجلّيات ذلك انتشار فنون الشارع، والكتابة باللغة العامية التونسية، وخلق معجم جديد يستمدّ لغته من بلده.
■ هل تشعرين بأنك جزءٌ من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- نعم، أشعر بأنّني جزء من جيل واكب ثقافات متنوّعة، وواكب ثورة وانتقالاً ديمقراطياً، ويشترك في ثقافة حب الحياة. لكن ما يميّز هذا الجيل هو اختلافه وقطعه مع المسمّيات أو التعريفات والتصنيفات، فهو لا يهتمّ ولا يمتثل لكلمات من قبيل "ملامح جيل أدبي" أو "نوع أدبي".
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- الأجيال السابقة هي التاريخ، ولا وجود دون تاريخ. "الخبز الحافي" لمحمد شكري، وla religieuse لديدرو، ومسرحيات توفيق الحكيم، و"مولد التراجيديا" لنيتشه، وسينما بازوليني، والسينما المصرية القديمة، و"معجم الجسد" لميشيلا مارزانو، ولوحات المدرسة التعبيرية، كلّها آثار فنية وفكرية صقلت شخصيتي، وكانت سبباً في ترتيب أفكار متناثرة لاختلافها وتنوّعها وإعادة تركيبها بطريقة جعلتني لا أنقطع عن الأجيال السابقة ولا أبقى حبيسة دور "المتلقّي".
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- بشكل عام هي علاقة متميّزة.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- كان عمري 27 سنة. اتّجهتُ إلى "دار نقوش عربية" وعرضتُ عليها نشر رسالة الماجستير في كتاب. كنتُ لا أعرف أحداً ولا أعلم كيف سيكون الاستقبال، وفوجئت بترحيب مدير الدار، وبعد سنة تقريباً، أعلموني بقبولهم الكتاب، وبعد إمضاء العقد، جرى توزيعه بشكل جيّد في تونس.
■ أين تنشرين؟
- كما ذكرتُ، نشرت كتابي الأول، والوحيد إلى حد الآن، في "دار نقوش عربية". أمّا على مستوى الكتابة بشكل عام، فأنا أنشر مقالاتي مع موقع "الكتيبة" التونسي.
■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- قراءتي للكتب هي قراءة عشوائية بامتياز، ومزاجية أحياناً؛ حيث لا ألتزم بصنف معيّن من الكتابات، ولا ألتزم أبداً بأولوياتي في القراءة.
■ هل تقرئين بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- أقرأ بالفرنسية أحياناً. وأنتظر تمكّني من اللغة الإنكليزية حتى أكتشف عوالم أُخرى من الكتابة والأسلوب.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مترجمَة؟
- للأسف، أجد أنّ الترجمة فيها ضعف. لا أتحدّث فقط عن ترجمات من الفرنسية إلى العربية، بل أيضاً عن ترجمات من الألمانية إلى الفرنسية. لذلك أخشى من الترجمة، دون أن ينفي ذلك دورها؛ فلولاها لما تجاوزنا الحدود.
■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أنا الآن بصدد إتمام رسالة الدكتوراه، وإصداري القادم سيكون رواية.
بطاقة
صحافية مغربية مقيمة في تونس، وباحثة في الفلسفة الاجتماعية من مواليد 1992. صدر كتابها الأول بداية هذا العام بعنوان "الجسد العاري: الأنثروبولوجيا، الاستطيقا، الجنسانية" عن "دار نقوش عربية".