قدّمت الفنانة الفلسطينية فاطمة المحب (1927 – 2006) أعمالاً تنزع إلى التأثيرية، حيث تناولت موضوعات من الواقع المحيط بها، من شخصيات ومناظر من الطبيعة، مركّزة على مساقط الضوء في لوحاتها مع الاهتمام بالحالة الشعورية لما تقدّمه.
في إطار فعاليات عرض "طُبع في القدس.. مُستَملون جدد" الذي أطلقه "المتحف الفلسطيني" في بيرزيت (25 كلم شمال مدينة القدس المحتّلة) نهاية تموز/ يوليو الماضي على منصّاته الإلكترونية، أضاءت المحطة الخامسة بعنوان "إعادة البعث" من سلسلة جولاته الافتراضية على المحبّ.
تمّ بث الجولة على منصّات المتحف الفلسطيني، وتناولت سيرة الفنانة الذّاتيّة وإنجازاتها في الفنون التّشكيليّة، بالإضافة إلى عرض كليشيهات وكرَّاسات من أعمالها، مثل أغلفة كتب القراءة في المدارس، وشارك في الجولة القيّم في المتحف بهاء الجعبة، والقيّم الضيف عبد الرّحمن شبانة، ومساعدة القيّم ساندي رشماوي.
وُلدت الراحلة في مدينة القدس المحتلة وتلقّت تعليمها حتى الثانوية في مدارسها، ثم حصلت على بعثة دراسية لدراسة الفنون في "جامعة إبراهيم باشا" (المعهد العالي للفنون الجميلة) في القاهرة، وانتقلت إلى الولايات المتحدة عام 1946 لإكمال دراستها.
عملت المحب رسامة في قسم الدعاية بوزارة السياحة الأردنية ثم رئيس قسم في وزارة السياحة، ثم انتقلت إلى وزارة التربية والتعليم للعمل موجهة للتربية الفنية وكانت ضمن اللجنة المكلفة بإعداد منهاج التربية الفنية، وقد حازت جائزة مسابقة السجين السياسي المجهول من "معهد الفنون المعاصرة" في لندن، عن لوحة لسيدة معصوبة العينين تمثل السجن النفسي، وعن يسارها جندي رمز الحرب وعن يمينها سيدة وطفل رمز السلام.
أصدرت كتاباً بعنوان "التربية الفنية وأهميتها"، وترى أن الثقافة الفنية ضرورية لكل إنسان، كما عرضت الجولة الافتراضية نماذج من رسوماتها الني تضمّنتها المناهج الدراسية، وكذلك قاد البحث في الكليشيهات (أحجار الطباعة) في "المطبعة العصرية" بالقدس إلى العثور على نتاجاتها الغزيرة في تصميم الكليشيهات الخاصة في الكتب المدرسية.
وتطرّقت المحطّة الخامسة إلى كتابات ورسوم المحبّ التي رسّخت حضوراً خاصاً في مجالٍ لم تنخرط فيه النساء خلال تلك الفترة، كما كتبت العديد من من القصائد منها "عاصفة الثلج" التي تفتتحها بالقول: "الغيم يجري داكناً علا الفضاء والكون يغدو ثائراً يوم الشتاء/ نزلت على الجو الكثيف برودة تزداد في لمح وتسري في الهواء/ وتتابع المطر الغزير على الربى فرأيته متجمعاً بسيول ماء/ رعد وبرق واشتداد عواصف لدويها رجع وللبرق السناء".
يُذكر أن المعرض يبحث العلاقة بين المطبوعات وأهل القدس، سواء كان محتواها سياسياً، أم تعليمياً، أم ثقافياً، أم سياحياً، أم اقتصادياً، وذلك من خلال تحري مهنة المُستملي، ويستعرض من خلال حوالي 200 من الكليشيهات والمطابع والمطبوعات التاريخية دور المدينة السياسي والسياحي والثقافي.