يُشكّل الجزائريون أكبر "جالية" في فرنسا؛ حيث يعيش فيها أكثر من سبعة ملايين جزائري، باتوا، منذ 2021، يمثّلون عُشر سكّان البلاد، 36 في المئة منهم يحملون الجنسية الفرنسية بحسب أرقام "مكتب الإحصاء السكّاني" الفرنسي.
يطرح هذا الوجود، الذي يعود إلى بدايات القرن العشرين ويرتبط بعوامل تاريخية وجغرافية، مسائل كثيرة تتعلّق بالتهميش والتمييز والاندماج؛ وهي قضايا تعود إلى الساحة بين الفينة والأُخرى، مثلما يحدث منذ مقتل فتىً من أصول جزائرية على يد شرطيّ فرنسي قبل قرابة شهر، وما أعقبه من احتجاجات وأعمال شغب.
من المسائل التي يثيرها الإعلام الفرنسي، ويوظّفها اليمين في خطاباته المعادية لـ "الأجانب" (تشمل العبارةُ المهاجِرين والفرنسّين من أصول مهاجرة على حدّ سواء)، ارتباط الجزائريّين بوطنهم الأُمّ، وهو أمرٌ يمكن ملاحظَته بشكل واضح في المناسبات الرياضية؛ حيث تكتسح الأعلام الجزائرية الشوارع الفرنسية خلال مباريات المنتخب الجزائري.
يمكن ملاحظة ذلك أيضاً من خلال حضور اللغة الأُمّ لدى المهاجرين، وهذه مسألة إشكالية يضيئها كتاب "عائلات المهاجرين الجزائريين في فرنسا ولغاتهم: ممارسات، تمثّلات وتواصُل"، الصادر حديثاً عن "مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية" بمدينة وهران الجزائرية.
يضمّ الكتاب، المُهدى إلى روح الباحثَين الجزائريَّين الراحلَين مليك مباركي وحاج ملياني، أوراقاً لاثني عشر باحثاً جزائرياً وأجنبياً، تتناول استعمالات اللغة داخل العائلات الجزائرية المهاجرة إلى فرنسا، استناداً إلى أبحاث ميدانية وقراءات أنثروبولوجية، شمل بعضُها عيّنات مختلفة في الجنس والسنّ والمتغيّرات الاجتماعية والثقافية.
من الموضوعات التي يتطرّق إليها الكتاب: أشكال وطرائق انتقال اللغة الأصلية في العائلات الجزائرية المهاجرة في فرنسا، وأشكال مسار الهجرة من الجزائر نحو فرنسا، وانتقال اللغة الأصلية في العائلة ودَور الوالدَين في تشكيل الهوية اللغوية لأبنائهم المولودين في فرنسا، وتنقّل المهاجرين من فرنسا نحو الجزائر: فرصةٌ لتعلّم اللغة الأُمّ، ومكانة اللغة الأُمّ لدى العائلات المهاجرة واستراتيجيتها اللغوية.