في عام 2000، أسّس عبد المجيد شكير فرقة "مسرح أبعاد" في الدار البيضاء، حيث شكّلت امتداداً لـ"محترف البحث المسرحي" الذي ظهر منتصف التسعينيات، وقدّمت على الخشبة نصوصاً لكتّاب مثل سعد الله ونّوس وممدوح عدوان وعبد الحق الزروالي وغيرهم.
وخلال ما يقارب ثلاثة عقود، جمَع في تجربته بين التأليف والإخراج وإدارة فرقته المسرحية، إضافة إلى ممارسة النقد والبحث الأكاديمي، مشتغلاً على أفكار أساسية تتعلّق بمسرحة المكان، وتقريب المسرح من الجمهور، وجعله قادراً على التأثير في الحياة اليومية، وعدم تغييب المضمون لصالح الشكل المسرحي.
يقدّم شكير مسرحيته "كومبارس" ــ وهي من تأليف محمد أبو العلا ــ عند العاشرة من مساء اليوم الخميس ضمن فعاليات النسخة الثانية من "مهرجان الفرجة للمسرح الاحترافي"، التي افتُتحت نهاية الشهر المنقضي وتُختتم مساء بعد غدٍ السبت.
يتداخل في العرض التمثيلُ بالحكاية بتقنية المسرح داخل المسرح، في اشتغال على ثنائية البطل والكومبارس، حيث يصوّر المخرج ممثّلاً منبوذاً لم يأخذ حقّه بما يُبرز موهبته، فيسرق النصّ المسرحي من الفرقة ويقرّر أن يقدّمه برفقة تقنّي الإضاءة، وبذلك يعمل شكير على نقل الواقع وإعادة تخييله داخل الفضاء المسرحي.
تروي المسرحية حكاية علّال ورحّال اللذين يبحثان عن الماء طرداً للجفاف وشبح الموت، وإذا بهما يجدان النفط كما يَعتقد علّال، فتتولّد لديه أوهام الثراء، لكنّهما يصطدمان في نهاية الأمر بأن السائل الذي عثرا عليه لم يكن إلّا مياه الصرف الصحّي. وتقع كلّ هذه الأحداث بأسلوب ساخر يكشف طبيعة النفس الإنسانية وتحوّلاتها.
ورغم ما يقوم به الممثّل المنبوذ في سبيل إظهار نفسه، إلّا أن شخصيته تظلّ ــ رغم إتقانه الدور ــ مجرّد كومبارس يستجدي فرصة ثانية لإثبات موهبته في التمثيل بعيداً عن وهم النجومية والأدوار الكبرى.
يشارك في التمثيل كلّ من: عبد اللطيف خمولي، وجواد العلمي، ومنير أوبري، وأحمد الحبابي، في حين صمّم السينوغرافيا عبد اللطيف مفيد، والإضاءة عبد الفتاح المكشط، وقام بتأليف الموسيقى والصوت مصطفى وردي، وتصميم الملابس والماكياج فتيحة السايح، وأُسندت إدارة الخشبة إلى مصطفى الباين.