في عام 2015، أسَس عبد الوهاب عبد المحسن "ملتقى الرسم على الحوائط والمراكب" في بحيرة مدينة البرلس المصرية على البحر الأبيض المتوسط، حيث يواجه المشاريع الرسمية لتجفيف ثاني أكبر البحيرات الطبيعية في مصر، وهو مشروع لا ينفصل عن تجربة الفنان الشخصية.
تمثّل مفردات الطبيعة التكوين الأساسي في أشغاله، سواء في الرسم أو أعمال الحفر المستواحة من مدينته كفر الشيخ شمال القاهرة، في أسلوب ينزع إلى التجريد غالباً، محاولاً إعادة اكتشاف علاقة الإنسان بمحيطه من نباتات وكائنات حيّة وغيرها من العناصر.
"مواسم اللون" عنوان المعرض الجديد للتشكيلي المصري (1951) الذي افتتح عند السادسة من مساء السبت الماضي في "قاعة حامد عويس" بـ"متحف الفنون الجميلة" في الإسكندرية، ويتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري.
تركّز الأعمال المعروضة على التكوينات اللامتناهية للمنظر الطبيعي ذاته، وهي امتداد للوحاته الأولى التي نفّذها منذ بدايات ثمانينيات القرن الماضي، كما يوظّف عناصر أسطورية، حيث يتعامل مع الشجر والطيور والماء بنوع من الإجلال والتقديس، في إحالة لفلسفة الحضارة المصرية القديمة تجاه الطبيعة التي اشتقّ من كائناتها وموجوداتها مقاطع أبجديته، بما تدلّ كل واحدة منها إلى وحدة الكون والإله.
يستمدّ الفنان موضوعاته من بيئته بريفها ومسطّحاتها المائية وطيورها وناسها وحتى أسماكها، حيث ينسج هذا المخزون البصري بكلّ مفرداته وعناصره الثرية والمتنوّعة في قوالب تشكيلية بعيدة عن المباشرة، وأقرب إلى المجازية والرمزية عبر استخدام الخطوط المتعرّجة والمتشابكة التي تُحاكي تصدّعات الأرض الطينية الجافة، وبرك المياه الصغيرة وغيرها من المناظر.
ويكتب الفنان والناقد مصطفى عيسى في تقديمه للمعرض: "الطبيعة جزء من مكوّن الحياة، ومثلما ندرك اختلافها، فإننا ندرك أثرها الممتدّ على نحو غير مُتجانس أو متشابه، (...) ثمة لغة يُتقنها عبد المحسن وحده، خاصة وقد اعتاد الإنصات جيّداً، ليس لمفردات الطبيعة المرئية، وإنما في الحيّز الأهم إنصاتُه للّامرئي، أو هذا المتواري خلف أشكال يتباين مكوّنها، ولم ينقطع تأثيرها".