هناك شعب أفريقي واحد تشتّتت بين قارّات عدّة، بسبب فرض العبودية وممارسات الاستعمار، لكنه في الواقع يمتلك تاريخاً واحداً، وإن قام تجّار الرقيق منذ القرن السادس عشر بتغيير أسماء المستعبدين وعائلاتهم، وطمس بلدانهم الأصلية من سجلاتهم.
المقولة ذاتها تحضر في مجالات متنوّعة، سواء في ما يتعلّق بحضور السود في تاريخ الفن، أو في عالم الأزياء، أو في كرة القدم، وغيرها من التمثيلات التي تستند إلى ماضٍ مشترك لا يزال يترك تأثيراته الواضحة على صورة الأفريقي وتاريخه.
هذا ما تستند إليه رؤية الفنّان الفوتوغرافي السنغالي عمر فيكتور ديّوب، والذي ينظّم "غاليري أوتوغراف" في لندن معرضاً له في تالين؛ عاصمة أستونيا، منذ نهاية الشهر الماضي وحتى السادس من كانون الثاني/ يناير 2024، في ثالثة محطّاته هذا العام، حيث أُقيم في العاصمة البريطانية ثم انتقل إلى ستوكهولم.
يضمّ المعرض ثلاث مجموعات نفّذها الفنّان خلال السنوات الأخيرة، أولّها "الشتات" (2014) التي تعود فكرتها حين عثر بالصدفة على سلسلة كتبٍ نُشرت في الستينيات حول صورة الأسوَد في الفن الغربي، واعتُبرت واحدة من أولى الدراسات المنهجية حول كيفية النظر إلى الأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي وتمثيلهم في تقاليد الفن الأوروبي، لا سيما من أواخر عصر النهضة، والباروكية، وأوائل الصور الرومانسية لرجال من أصل أفريقي كانوا مشهورين ذات يوم، لكنهم في كثير من الحالات أصبحوا منسيين.
أعاد ديوب إنشاء تلك اللوحات كمطبوعات فوتوغرافية مفصّلة وملوّنة، وفي كل صورة، يرتدي الفنان ملابسه ويقف كموضوع، وغالباً ما يكون مغطى أو ملفوفاً بقطعة قماش أفريقية تضمّ العديد من النقوش، وهنا تكمن أهمية الثوب الذي يحمل رمزية عالية في الثقافة الأفريقية، تشير إلى الحالة الاجتماعية أو القبيلة أو المنطقة التي ينتمي إليها الشخص، بينما تظلّ صورة الثوب غامضة بالنسبة للمتلقي الغربي، أو يُنظر إليه بوصفه مجرد فولكلور.
وفي مجموعة "الحرية" (2017)، يتتبع الفنان التسلسل الزمني العالمي للاحتجاج الأسود، في محاولة لتفسير لحظات مهمة من الثورة التاريخية المرتبطة بالنضال من أجل حرية السود، بدءاً من الحركات المناهضة للفصل العنصري في جنوب أفريقيا، مروراً بحملات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا، ووصولاً إلى سياسة "حياة السود مهمة" المعاصرة، واستكشاف ما يوحد ويحدد هذه المعارك العالمية المستمرة من أجل المساواة وحقوق الإنسان.
أمّا الثالثة، فهي مجموعة "أليغوريا" (2021) التي تتناول أزمة المناخ وتأثيرها على الجنوب العالمي، والقارة الأفريقية بشكل خاص، وفيها يستشرفديوب مصير البشرية في أعقاب الكوارث الطبيعية والتدهور البيئي، متسائلاً كيف يمكننا تأمين مستقبل أكثر قابلية للحياة والعيش معاً.