ممرّ ضيّق على الحياة
رتلُ
سيارات دَفْعٍ رُباعي مُسلّحة يتقدّم مُسرعاً
غبارٌ
يُغطّي عمائم ملوّنة وعباءات شاحبة ولُحِيٌّ طويلة
بنادقُ
كلاشينكوف تلمع تحت في سماء شديدة الزرقة
ابتساماتٌ
نصف ميّتة وعيون تفتح على تيه وخذلان
رتلُ
سيارات دفع رباعي مسلّحة
أتى من أرضٍ فيها الموتى
يركضون في شوارع كئيبة
رتلٌ
أوّله جحيم
وآخره جحيم.
■■■
طيارةٌ ورقيّة عند الفجر
مَن
سيرفع الآن طيّارته الورقية في سماء المدينة؟!
طائرتُك
الخضراء بجناحيها الأبيض والأسود
صارت بدَداً
لا بأس
لن تستيقظ المدينة إلّا على خراب أكبر
أسقُفُ
البيوت الطينية الواطئة تُحاول أن
ترتوي بطيارة ورقيّة عبرت
من هنا.
■■■
قريباً من المدفأة
بقايا
لحمِ جديان مُقدّد
قطفة تبغ ذابلة قرب المدفأة
جنودٌ
بيضٌ عيونهم الفارغة تُحدّق
في وجهٍ لطمتهُ ريحُ العداوة
سنينَ طويلة
الشايُ
ساخنٌ يفوح برائحة القرفة
صورةُ
الزعيمِ الجديد تكاد تُلامس السقف
فقط
قطراتُ ضوء الشمس
على بُندقيّة جاهزةٍ للقتل.
■■■
الولد
على
يسار ضريح الوَليّ
وراء
سُورٍ طِينيّ
قريباً
من عين الشمس
يجلس الولدُ مُقرفِصاً
عيناه
تتطلّعان إلى عَيني
الرجل القادم من أقصى الشمال
يُحاول
أن يفهم ما الذي جاء يفعله
هنا
في قرية ليس فيها إلّا الريح
الغبار
يُغطّي الوجه والبذلة الداكنة
لكنّ أكثر ما شدّه:
رائحة العلكة
وبسكويت الكريمة بالعسل.
■■■
صورة الحاكم
ها
هي
بين يدي
بائع البُسُط الفارسية والبشتونية
لا يُرى منها
إلّا زِرّ أبيض كبير
يكاد يتوهّج
تماماً عند منتصف الصدر
قبّعة
على شكل قاربٍ صغير
بخطوط من صوف اللاما
الزعيم يبتسم
الزعيم غارق
في الحيرة مثل قبطان
مخمور.
■■■
حمار العربة
يُمكن
لحمار العربة
جرُّ العربة
وأكداس التبن
يُمكنه
حمْلُ النسوة الذاهبات
إلى وليمة العُرس
أو
يستلقي في ظلّ شجرة
أو
صخرة عالية
لكنْ
كيف له أن
يجُرّ صاحب العربة من نار مُستعِرة؟!
■■■
ضحكات
غبارٌ
يملأ الشوارع
روائحُ
وقود دبّابات وسيّارات صَدئة
في
ذلك الرُّكن الظليل قُرب حقل القنّب المحروق
بنادقُ
كثيرة تَلوح بين الطَّواقي المُزخرفة
ضحكاتٌ
كثيرة يُمكن غَرفُها من على الأرض.
■■■
المقبرة الجماعية
تأتي
الشاحنات المُحمّلة بالجُثث
يأتي
الناس المُحمَّلون بالخيبات والهزائم
يأتي
الأطبّاء بمعاطفهم البيضاء المُلطّخة بالدَّم
يقفون على حافّة حُفرة كبيرة
قاعها حزن لا ينتهي.
■■■
نسوة في الشارع
ماذا
تُخفي النسوة تحت عباءاتهن؟
حكايات
ذلّ وبرانس للمُرابطين في الجبال البعيدة
عيداناً للسواك
عطورَ صندل
طبيخاً جاهزاً للأكل
رُضّعاً في قماطات قطنية
وعرقاً غزيراً يسيل بين
ثنايا الجسد
و
ثنايا الروح.
■■■
ديار مدمّرة
سيقفون هُنا
سيقفون هُناك
على
ذات الدِّيار ودروب الدِّيار
سيستنشقون
دُخان البارود واللّحم المُحترِق
ثمّ
يرجعون إلى خِيامٍ عليها
كتابةٌ بحروف أجنبيّة كبيرة.
■■■
طفولة
انحنِ
قليلاً أيّها الولد
كي لا يسقط الرضيع من على ظهرك
ضعْ
يدك على تُراب هذه الأرض الملعونة
كي لا تقذفك ريحُ الكراهية
إلى مخيّمات العذاب
انحنِ
قليلاً أيّها الولدُ
كي لا تصفعك السّماء مرّتين.
* شاعر ومترجم من ليبيا