(إلى ج. إ. ج.)
(1)
يُحدّق إلى ما وراء بيت لحم
إلى الفضاء الأزرق الفسيح
إلى الغيوم البيضاء
تتحلّق تاجاً على رأس المسيح
يسمع صوت أبيه الفقير من خلف الجدار
يقول إن الله في الكلمة
في العلم
في الكتاب
وإنّ رغيف الخبز أطيب
إذا نكّهته نار الحكاية واللغات
(2)
ها هي بيت لحم الصغيرة الصغيرة
تُطعِم المُسرنَمين خبزاً من يديه
أرغفةً ساخنة طرية
من فُرنٍ لا تنطفئ ناره الزرقاء.
ها هو أبوه
يحرس له الوقت...
يحفر له في الليل سرداباً
ليَخرُج إلى القرى البيضاء المشمسة
في أعالي العالم.
ها هي يد أبيه الراجفة
ترسم في الهواء أمواجاً عالية
تجرف هذا العالم الكليل
إلى شواطئ المجرّة الفسيحة...
يحمل الأحلام على ظهره الكسير
يستنزلها من أهراءات الله
يغسّل بها وجه الولد الأليف
الشارد في لجّة المنام.
(3)
يقول الأب لابنه
أن تعال أتجسس لك سرّ الوقت
وأتلصص على مداخل الشمس!
يخرج ليستطلع أسرار الليل
يضع نصل الصبر على عنق الضوء المسافر
يستنطقه عن خباياه ومنعرجاته،
وعن موعد دقّات ساعة القرية الغافية...
وحين يأبى الإفصاح
يستعير من ملاك النوم عصاه
ليضرب بها شاطئ المجرّة
ويربِك أمواج الزمان
يمتطي ظهر الدّهر ويمسك بلجام فيضان الساعات
يقتاده عنوة نحو حُجرة الصبي النائم
يهتف في مسامع الذهن المتيقّظ بين أدغال الهجوع:
هاك...
اصنع بالزمن ما شئت
ملاعب الشمس كلها صارت لك!
بطاقة
شاعرٌ وكاتب ومترجم سوري مقيم في السويد، درس الفلسفة واللاهوت، وله خمسة إصدارات شعرية: "صلوات غنوصي سوري" (2016)، و"ميامر الحجرة العرائسية.. مدخل إلى المثالية - الواقعية السحرية" (2017)، و"السيرة النجمية لقسطون الذاهل" (2018)، و"السماء ترتّب بيتها لآخر مرّة"(2018)، و"حرّاث العوالم: زائر القرى النائمة" (2020).
وله في في الترجمة: "من أين جاءت ما بعد البنيوية؟ ومقاربات أُخرى" للشاعر والباحث الجزائري أزراج عمر (2019)، و"القيم الجوهرية للحضارة الصينية" للفيلسوف الصيني تشن لاي، الذي صدر قبل أيام عن "دار فضاءات". كذلك نشر مقالات عديدة في مجلّات ومواقع إلكترونية.