تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "ينبغي أن يتمتّعَ مترجِمُ الشّعر بروحِ الشاعر، بل يجب أن يكون شاعراً أيضاً"، يقول الكاتب الأميركي لـ "العربي الجديد".
■ كيف تقدّم المشهد الأدبي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟
كُلُّ الرّوافدِ تَصُبُّ هنا
تمتَزِجُ اللغاتُ المتعدّدةُ
وتملأُ شلّالات الدّمِ الأوعيةَ
وتتسابقُ باتّجاه القلب.
تبقى ثقافة الولايات المتحدة الأميركية ــ وعلى الرغم من مشاكلنا الخطيرة على عدّة أصعدة ــ ثقافةً ديناميكيةً تمنح الحرية دائماً للأصوات العالمية. نناضل بقوّة للوصول إلى عالم نعتزّ فيه بجميع أشكال الحياة. عالمٌ نقدّس فيه الأرض. عالمٌ نستمرّ فيه بالفشل وارتكاب الأخطاء والاعتماد على النور ليُشفينا.
■ كيف تقدّم عملك لقارئ جديد، وبأي كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟
تُغطّي أعمالي طيفاً واسعاً من الخبرات، فأنا أستخدم كلّ الأشكال والأنماط الأدبية، وأتعاون مع فنّانين مبدعين من جميع أنحاء العالم، وأؤدي أعمالي منفرداً مع فرقة The Storm Generation Band، ومع موسيقيّين يؤدّون العديد من الأنواع الموسيقية حول العالم. أسّستُ منظمة "النهضة الأدبية العالمية" في الرابع من شباط/فبراير عام 1992. في مسار بحثي الدائم عن أرضية مشتركة لتجربتنا الإنسانية، أحترم وأحتفي بكلّ اختلافاتنا الجميلة. يمكنكم التعرّف على أعمالي من خلال "غوغل" و"يوتيوب" والعديد من المنصّات الأخرى على شبكة الإنترنت.
■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟
الولادة. الرحلة. الموت.
■ ما أكثر ما تحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها وما هو أكثر ما تتمنى تغييره فيها؟
لا يسعني إلّا أن أُبدي امتناني الشديد للحرية التي حَبَتْني بها هذه الثقافة في أن أكون ذاتي الأصيلة. فقد قضيت حياتي ناشطاً في سبيل الحرية والمساواة والعدالة لجميع البشر.
■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
أنا ممتنٌّ للغاية، وأنا في السبعين من عمري اليوم، لجميع الخيارات والمسارات التي اخترتها في حياتي. فكلّ لحظة في حياتي، وكلّ إخفاق مررت به، وكلّ نجاح حققته، أوصلني إلى هذه اللحظة اليوم. أشعر بامتنان وفرح شديد بهِبة الحياة المباركة، والتي أتيحت لي الفرصة خلالها لتهذيب روحي.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
المساواة والحرية والعدالة والسلام: الشفاء.
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
جلال الدين محمد الرومي، لأناقش معه الشّعر والحياة.
■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟
الحكومات ضدّ الشعب،
الشرطة ضدّ الشعب،
العسكر ضدّ الشعب،
الأغنياء ضدّ الفقراء،
الأديان ضدّ الأديان،
المؤسّسات ضدّ المؤسّسات،
الأيديولوجيّات ضدّ الأيديولوجيّات،
الجنس ضدّ الجنس،
البشر ضدّ الطبيعة.
■ ما هي قضيتك وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟
صلاة
نَجِّني من الخوف،
ذَكِّرْني
أنَّ الخوفَ لا يُهزَم دائماً
إلا بالحبّ.
نجّني من السُّلطة
فالسُّلطة، من دون الحبّ والحكمة،
قادرةٌ على تدميرِ أيّ شخصٍ كان،
حتى صاحب السلطة نفسه،
الذي يفتقِرُ إلى الحبّ والحكمة.
نَجِّني من الاحتقار والغطرسة
اللذين تبثّهما في القلب
الامتيازاتُ النخبويّة
ووهم التفوّق
فليس هناك شخصٌ أفضل من آخر.
نَجِّني من عُنفِ الطّمَع،
امنحني رغبةَ العيشِ ببساطة،
ومشاركةَ خيراتِ الأرضِ مع الآخرين.
نَجِّني من الصّمتِ
الذي يسكت
عن كلّ مظاهرِ الإساءات والحروب والشرور.
امنحني رصيداً كافياً
من قوّة الحب والحكمة
لأكون محارباً سلميّاً في سبيل السلام.
امنحني القدرةَ
على التصرّف بمسؤولية في حياتي الخاصّة،
وعلى أن أكون جاراً جيّداً،
وقادراً على العيش في وئام مع الطبيعة.
أشكرُكَ يا إلهي على نعمة الحياة،
على جمال الطبيعة،
على حبّ العائلة والأصدقاء.
آمين.
■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أي درجة توافق على هذه المقولة، وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟
ينبغي أن يتمتّعَ مترجِمُ الشّعر بروحِ الشاعر، بل يجب أن يكون شاعراً أيضاً. وينطبق الأمر نفسه على النثر. فالشعر هو أنقى مستويات النثر. الأدب العالمي لا يكتُبُه المترجمون. الشاعر هو الخلّاق الحقيقي، فإما أن يرفَعَ المترجم العمل الأصلي إلى عِلّيين أو ينزِلَه أسفلَ سافلين، بترجمة رديئة أو بترجمة غير جديرة بهذا العمل.
■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب فيها؟
الشعرُ ظِلُّ الفِكر. الشعر شفّاف. أيّ شكل من أشكال اللغة أبطأ من الفكرة، ولكنّني متأكّد من شيء واحد: الشعر هو السخرية السوداء الجميلة للروح البشرية.
■ لو بقي إنتاجك بعد 1000 سنة، كيف تحب أن تكون صورتك عند قرّائك؟
متفائِلاً ومُلهِماً،
مُريحاً وشافياً،
يوقِظُ الجميع ليَعوا
أنّ لدينا نهراً هادراً
من النار الإبداعيّة التي تتدفّقُ في داخلنا.
■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟
كُلّنا بطاطسُ قذرةٌ
تطفو في الحوضِ نفسه،
الحوضِ الآسِنِ بالمياهِ المُلوّثة.
كلما ارتطَمنا
ببعضِنا البعض
وكلما تشارَكنا بمحبّةٍ
كلَّ قصائد وأغاني حياتنا الجميلة
أصبحنا أكثرَ نظافةً.
بطاقة
Ron Whitehead شاعر وناشط أميركي، وُلد عام 1950 في ولاية كنتاكي. له 25 كتاباً، من بينها "طريق شاعر السكالد القديم"، و"العهد الثالث: ثلاثة أناجيل للسلام" (الغلاف). أصدر 35 ألبوماً تسجيلياً وساهم في تحرير ونشر العديد من الشعراء والكتّاب. درّس في عدد من الجامعات الأميركية، وحصل عام 2019 على جائزة Beat Poet Laureate من ولاية كنتاكي. هو من مؤسّسي "منظمة النهضة العالمية" و"مهرجان غونزوفست لويزفيل" المعنيّين بالأدب.