كلّما تورّطت في رحلة

05 أكتوبر 2024
مجد كردية/ سورية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في البداية، كانت الحياة بسيطة كركوب دراجة، حيث تجاوزت التحديات برشاقة وابتكرت أبعادًا جديدة، لكن الآن أصبحت كقيادة طائرة بمحرك مشتعل، مليئة بالاحتمالات والهبوط الاضطراري.

- مهما حاولت التعبير بالكلمات، تبقى اللغة عاجزة عن إيصال العمق الحقيقي للمشاعر، حيث أن الدموع قد تكون أعمق من الأفكار، مما يجعل الفهم الكامل مستحيلًا.

- كنا في الماضي أسعد من في الغابة، قبل أن يفسدنا التفكير المجرد، والآن نراقب العالم من شرفاتنا، محاولين فهم الحقيقة وسط الخداع، متسائلين عن جدوى الأمل.

في بادئ الأمر

في بادئ الأمر
كنتُ أَجري في حياتي
وكأنّني أقود درّاجة بسيطةً
ببراءة وتلقائية أُدير العجلات
فأَتَخَطّى الكثير
وأرسم لحياتي أبعاداً جديدة
وأغدو بثلاث دقائق مَحمُومَة
على تلّة حالِمة في البعيد
تحت شمس جديدة،
ناسياً ما كانَ وما كُنتُ
فأُرخي قَدَمَيّ وأقف لأكون
بكامل جسدي ونَفسي
مُستغرقاً في الصّفاء والنّور،
النّسيم الذي يُلاطف كمُحِب
السكون الذي تتخلَّلُهُ أصوات مُؤنِسة
والذات التي تُناجي وتذوب في البَوح
كقطعة سُكَر،
والآن كأنّني في حجرة قيادة
لطائرة بمُحرِّك مُشتَعِل،
مُندَفِع/مَدفوع بطريقة أعجز عن استيعابها
أملك لكل احتمال في الحياة
عشرة أزرار على الأقل
وكلّما تورّطت في رحلة
تراني أهبط اضطراريّاًَ.


■ ■ ■


طريقة أَجنبيّة تماماً

مهما حاولتُ
أن أعوي الواو كذئب وحيد
لقمر غائب،
أن أنبح بشراسة
مُفردات خشنة وصلبة،
أن أنثني لأُهشّم عمودي الفقري
لتعرف أنَّهُ أوان الفاصلة،
أو أتكوَّر كنقطة متروكة وميّتة
لتعرف أنّي في نهاية نص حزين،
لا فائدة.

لا فائدة،
حتى لو اضطرّتني بعض الجُمل
لأن أُكَشِّر عن أضلاعي كأنياب
أغرز حوافّها الحادّة في صدري،
وأسحبها رويداً رويداً
كي أصل إليك،
إلى ذلك العمق من البداهة،
إلى تلك الهوَّة من الأذى،
لن أُفهَم.

لن أُفهَم
مهما حاولت،
الكلام طريقة أجنبيّة تماماً.

لكن،
إن كُنت تعتقد أنّ الدَّمعة أعمق من الفكرة
فمن الممكن أن تَحظى بحالة تقريبيَّة.


■ ■ ■


كُنّا أَسعَد مَن في الغابة

لا بُدَّ أنَّ إنساناً كاملاً قد عَبَرَ هذه الأرض
في منتصف المسيرة الهوجاء
في المكان الشاغر بيننا والقِردة
كان ثمّة حيوان تام
مُشبعٌ بالغريزة التي تَقودُهُ لأبواب السَّعادة
بالعقل القادر على ابتكار مقابض للأبواب.
حينما لم تَكُن لنا هذه القِشرَة الفائِضَة عن حاجتنا
لم يُصِبنا التَّفكير المُجرَّد بالكآبة العاصِفة
لم يُفجِعنا العقل بفَرطِه
ولا الشَّك بوسواسِه
كُنّا أَسعَد مَن في الغابة
إلى أن هجرناها تماماً
ثم عُدنا لتدميرها
بحجّة أنَّنا نحتفظ بالجزء المتوحِّش داخلنا.


■ ■ ■


أطلُّ على الحرائق

هذا الانحدار المُنهمِر لا بدّ أن ينتهي،
على الجموع الغفيرة الماشية في المجهول
أن تتحلّل،
وللجثث أن تختار مصيرها بحريّة.

أطلُّ على الحرائق من شرفتي،
على خطط السماء الماكرة،
أَشهَد على مسيرة الخَنق البطيء،
أُراقب الأطفال يذوون بالغينَ تُعساء
والبالغين لعجائز متصدِّعين بالنّدم،
أشمُّ السُّمَّ في العسل
وألعق إصبعي.

من المُعيب أن تحظى اللعبة البائسة بدعاية مُبهِرة،
على اللاعبين أن يعرفوا ثمن دمائهم جيداً،
على الحقيقة ألّا تكون محض خدعة،
وعلى الأمل أن يَكفَّ عن كونه مِصيَدة.

أُحاول أن أضغط أزراري جيداً
وأُفكِّر أنّه هنالك عطلٌ ما،
أن أتحرّك بالخفّة التي أتخيّلها
بمفاصل متيبّسة وطريق لزجة،
أن ألهو حينما تسنح الفرص البخيلة
لكن يُعيقني أنَّ لي مزاجاً،
وأنّ هنالك قصّة وشهوداً وذاكرة طويلة،
وأنّ هنالك غداً.

لذلك أنا أكتب فقط
وأتساءَل
أعليَّ أن أشتري مسدّساً
أم أن أبيع البُكاء؟


* شاعر من سورية

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون