أوه عندما أموت
أوه، إذا مت
تعالَ اهمس بشيءٍ عذبٍ في أذني
سوف أفتحُ عينيّ الشاحبتين
ولن أفاجأ
لن أفاجأ
في هذه المحبّة.
لن يكون الموت سوى هجعةٍ مريحة
وانتظاراً لكِ،
انتظاراً سيكون.
■■■
في الأحلام أحياناً وفي الدموع
في الأحلام أحياناً، وفي الدموع
يبزغُ طيفكَ أمام وجهي المندهش
أيّها الشفق
إنّه ينتظر ويومئ ولا يتلاشى.
مرَّة أخرى يشعُّ المصباح في داري
يجذبُ إليه ذهني وعينيّ
مثلما ينجذب هو بنعومة ونقاء
حتّى يتلاشى في خيوطه الذهبية
أيّتها الشعلة النقية، بكلتا يديّ أُريد أن أُطوّقك احتراماً
لأحرس وجودك الهشّ
وأحميك من بقية الاحتراق.
■■■
كم غريب أن يضمّ المنزل ذاته كلينا
كم غريب أن يضمَّ المنزل ذاته كلينا
رغم ذلك لا نجرؤ على الافتراق
لا نجرؤ على البقاء وحيدين،
أن لا نتكلم.
ترتجف شفاهنا ولا تفتح.
نبدأ بالشكوى
نواسي بعضنا البعض
بأعيننا الراعشة.
وهج الخد الذي يتضاعف حمرةً
اليد التي تحيي.
نظرات تخفي اتقادها
نظرات كما لو أنها من جذوة النار.
■■■
حافظ 1
أين سمِعَ الروح الحكيمة
ليفهم لغة الزنابق
ويسأل عن سِرّ رحيلها وعودتها؟
■■■
حافظ 2
أشباحٌ باهتة،
حفيفٌ صامتٌ لوريقات الأشجار على الأرض.
على شواهد القبور، تُظهر الوردة تجلّياتها
عبر الأشرطة الممتدّة والانحناءات الطّفيفة،
تلتفُّ في فوضى بديعة وتزامنٍ مع السرو.
شوقٌ يُلقي بظلاله ِالهادئة حول غبار رغباتي
■■■
ألف ليلة وليلة
جاءت مرتديةً رداء أبيضَ كالحليب،
ناعماً كالحليب.
عيناها ناعستان
وجنتاها الورديتان
تُباركان وليدها.
وأنا: ها أنتِ تمُرين ولا ترينني
بينما أسلّم نفسي بين يديك
مثل حملٍ خانعٍ
يمدُّ عنقه للجزار
وهي: كُفَّ عن الكلام واستمتع
بهبة الخالق في الصمت.
أبيض جسدي
وأبيض ردائي
أبيض وجهي
وبيضاء حياتي
بياض على بياض
وبياض على بياض.
جاءت مرتدية ثوباً كأنّه لهبٌ متّقد
أحمر مثل كبريائها الذي لا ترحم
وهتفتُ مذهولاً ومُفعماً بالأحاسيس:
— أنتِ، يا مَن ترين نفسكِ أكثرَ نصاعةً من القمر
كيف تجرؤين على التألّق ببهاء الخدين
حيث تستوي القطرات على عرش القلوب
وبهذا الرداء الحريري المتباهي بشقائق النعمان؟
هي: أعارني الصباح ثوبه أولاً
والآن شمس الظهيرة حليفتي.
حمراء وجنتي
أحمر هو الحرير القرمزي
أحمر ثغري
أحمر نبيذنا
حمرة على حمرة وحمرة على حمرة.
جاءت ترتدي فستاناً أسود كالليل
أشاحت بعينيها عني.
أنا: ألا ترين أعدائي مبتهجين بحزني العميق؟
أواه، الآن فقط
أدرك مرارة يأسي
أسود شعركِ
أسود فستانكِ
سوداء هي حياتي
سواد في سواد وسوادٍ في سواد.
* ترجمة عن الهولندية: محمد الأمين الكرخي، والقصائد مختارة من كتاب "سماء ثانية- منتخبات من الشعر الهولندي في القرن التاسع عشر"، الذي يصدر هذه الأيام عن منشورات "كريستال" المغربية.
بطاقة
Jan Hendrik Leopold كاتب ومترجم ومدرّس وشاعر هولندي (1865- 1925). يعدُّ من أبزر الشعراء الهولنديين بعد يوست فوندل، حيث تمتاز شعريّته بغنائية عالية تجمعُ بين البهجة والحميمية. نشر أوّل قصائده بعنوان "ست قصائد للمسيح" عام 1893، وصدرَ كتابه الأول عام 1912 بعنوان "أشعار". ترجمَ أعمالاً كلاسيكية لـ ماركوس أوريليوس وإبيقور. من أعمال الشعرية: "شوبيز" (1916)، و"شرقيات" (1924).