لينا مرواني كاتبة وأستاذة تشيليّة من أصل فلسطيني، هاجسها الدائم هو التفكير في تحدّيات السرد، في رحلاتها المتتالية عبر العالم العربي مع اللغة الإسبانية، في شتاتها، ليس الجغرافي وحده، بل اللغوي أيضاً؛ وفي حدود التفاعل والكتابة بين اللغات الأجنبية: الإسبانية والألمانية واليونانية والفرنسية، وبين شقيقتهنّ العربية، وتلك التي تلجأ افتراضياً إلى لغة الدبلوماسية والحرب: الإنكليزية. ما الذي ضاع من هذا كلّه؟ ما الذي يمكن إنقاذه بالكتابة؟ كيف يمكن مواجهة المُبهَم وغير المفهوم لغوياً؟ كيف نتعامل مع ما لا تمكن ترجمته؟ وكيف يمكن تحويل هذه الحدود إلى فرص للإبداع؟
على هذا كله ستجيب الكاتبة التشيلية الفلسطينية في محاضرة بعنوان "الكتابة في لغاتٍ عدّة: ملاحظات حول التنقّل"، تلقيها في مقرّ "البيت العربي" بمدريد، عند الساعة السابعة من مساء بعد غد الجمعة (الخامس من أيار/ مايو الجاري). وتأتي هذه المحاضرة ضمن إطار "المؤتمر التربوي الدولي" السادس الذي ترعاه "الجمعية الأوروبية الإبداعية"، بهدف تنمية المواهب وتمكينها من خلال ممارسة الكتابة الإبداعية.
وُلدت لينا مرواني في سانتياغو دي تشيلي عام 1970، لأب فلسطيني من مدينة بيت جالا وأم إيطالية. حصلت على درجة الدكتوراه في الأدب الإسباني والأميركي من "جامعة نيويورك"، وتدرّس حالياً الأدب والثقافات الأميركية واللاتينية في الجامعة ذاتها.
هاجس دائم في البحث عن الذات والهوية والأصول الفلسطينية
وتعتبر صاحبة "الثمرة المتعفّنة" (2000) من أهم كتّاب تشيلي الذين تناولوا مسيرة الفلسطينيين في أميركا اللاتينية. وقد تُرجمت أعمالها من اللغة الإسبانية إلى كلّ من الإنكليزية، والإيطالية، والبرتغالية، والألمانية، والفرنسية.
أصدرت مرواني في 2013 رواية "أن تعودي فلسطين"، التي حصدت نجاحاً كبيراً، وكان شادي روحانا مَن نقلها إلى العربية (دار "الكتب خان"، 2021). يُعَدُّ الكتاب رحلة في الذات والوطن، وبحثاً عن الأصل والهوية تقوم بهما كاتبة تشيلية هاجر أجدادها من فلسطين والشام، عام 1915، إلى تشيلي، مع العديد من المهاجرين من المنطقة، هرباً من تعسّف الحكم العثماني وقتها.
وتقدّم الروائية في كتاب المذكّرات هذا تجربتها الشخصية والإنسانية حول القضية الفلسطينية، وتحاول البحث عن جذورها، والإجابة عن الأسئلة التي طالما طرحتها أو طُرحت عليها حول أصولها الفلسطينية، كل هذا قبل أن تلبّي دعوة طالما حاصرتها عن العودة إلى فلسطين. تُقْدِم لينا مرواني على العودة، خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وما شاهدته من سوء فهم والتباس حول القضية الفلسطينية.
وعموماً، تحفل كتاباتها بالأسئلة الشائكة والذكية والتأملات حول مفاهيم الأصل، والهوية، والوطن، والحدود، واللغة وغيرها من التفاصيل الدقيقة التي تشكّل ملامح الإنسان وتصبغ شخصيته. ضمن هذا المعنى ستكون محاضرتها جوقة من أصوات ولغات وهويات متداخلة من بلدان عدّة، ما بين الولايات المتّحدة وفرنسا، ومصر، والمغرب، وفلسطين بالتأكيد. تمضي لينا مرواني بسؤالها الكبير عن الهوية ولا تكفّ عن طرح الأسئلة عن نفسها وهويتها وعن فلسطين، ليس فقط من الناحية التاريخية والسياسي، ولكن أيضاً من الناحية النفسية والعلمية.