محمد برادة.. في أربع وعشرين مدينةً مغربية

02 نوفمبر 2024
محمد برادة وسط الحضور في المكتبة الوطنية بالرباط
+ الخط -
اظهر الملخص
- تم تكريم الروائي والناقد المغربي محمد برادة في 24 مدينة مغربية، حيث نظمت ندوات لمناقشة إنتاجه الأدبي المتنوع بمشاركة 110 نقاد وباحثين، تحت عنوان "ذاكرة التخييل وأسئلة الفكر".
- بدأ برادة مسيرته الأدبية بنشر مجموعته القصصية "سلخ الجلد" عام 1979، وتبعها بأعمال مثل "لعبة النسيان"، كما ترجم كتباً مهمة، مما عزز التواصل الثقافي بين الأدب العربي والعالمي.
- تحدث برادة عن تجربته في الكتابة والترجمة، مشيراً إلى التحديات التي تواجه الإبداع الأدبي في العالم العربي، وأكد على أهمية التميز والتمرد على الموروث لتحقيق تأثير أوسع.

يوم السبت الماضي، تردّد اسمُ محمد برادة في أربع وعشرين مدينةً مغربية؛ إذ أُقيمت، في عدد من الفضاءات الثقافية بتلك المدن، ندواتٌ حول الروائي والناقد والمترجم المغربي (الرباط، 1938)، تكريماً لتجربته الطويلة في التأليف والترجمة والبحث والتدريس.

حمل اليوم التكريمي، الذي نظّمه "مختبر السرديات والخطابات الثقافية" التابع لـ"كلّية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك" في الدار البيضاء بمشاركة 110 نقّاد وباحثين، عنوان "ذاكرة التخييل وأسئلة الفكر"، وخُصّصت ندواتُه لمناقشة إنتاج برادة الإبداعي الذي تنوّع بين القصّة القصيرة والرواية وتُرجم بعضُه إلى عدد من اللغات الأجنبية، إضافةً إلى إنتاجه في النقد الأدبي والترجمة.

كَتب محمّد برادة القصّة القصيرة أوّلاً؛ إذ نشر مجموعته القصصية الأُولى عام 1979، وكانت بعنوان "سلخ الجلد"، ثمّ تلتها مجموعةٌ ثانية عام 2014 بعنوان "ودادية الهمس واللمس". وخلال العام الجاري، صدرت مجموعته الثالثة "هل أنا ابنك يا أبي؟". وبين مجموعتَيه الأُولى والثالثة، أصدر ثماني روايات؛ هي: "لعبة النسيان" (1987)، و"الضوء الهارب" (1994)، و"مثل صيف لن يتكرّر" (1999)، و"امرأة النسيان" (2002)، و"حيوات متجاورة" (2009)، و"بعيداً من الضوضاء قريباً من السكات" (2014)، و"موت مختلف" (2016)، و"رسائل من امرأة مختفية" (2019).

الإبداع الأدبي في العالم العربي يعيش حالة حصار

وإضافةً إلى القصّة والرواية، كتب برادة في النقد الأدبي؛ ومِن مؤلّفاته في هذا المجال: "محمد مندور وتنظير النقد العربي" (1979)، و"لغة الطفولة والحُلم: قراءة في ذاكرة القصّة المغربية" (1986)، و"أسئلة الرواية، أسئلة النقد" (1996)، كما ترجم إلى اللغة العربية عدداً من الكُتب نذكر من بينها: "من المنغلق إلى المنفتح" (1971) لمحمد عزيز الحبابي، و"الرواية المغربية" (1971) و"في الكتابة والتجربة" (1980) لعبد الكبير الخطيبي، و"حديث الجمل" (1975) للطاهر بن جلون، و"ديوان الخطّ العربي" (1981) لعبد الكبير الخطيبي ومحمد السجلماسي، و"الدرجة الصفر للكتابة" (1981) لرولان بارت، و"قصائد تحت الكمامة" (1982) لعبد اللطيف اللعبي، و"الخطاب الروائي" (1987) لميخائيل باختين، و"من النص إلى الفعل" (مع حسان بورقيبة، 2001) لبول ريكور. وربما لا يمكن المرور بكُتب محمد برادة دون ذِكر كتابَين ألّفهما بالاشتراك مع كتّاب آخرين: "فرانز فانون أو معركة الشعوب المتخلّفة" (1963) مع محمد زنيبر ومولود معمري، و"ورد ورماد: رسائل" مع محمد شكري.

واختُتم اليوم التكريمي بندوة أُقيمت في "المكتبة الوطنية" بالرباط، تحدّث خلالها محمد برادة، مُذكّراً بالسياقات العامّة والخاصّة التي ألّف وترجم فيها تلك الكتب، قائلاً إنّ كلّ ذاتٍ فردية لها نزوع نحو التميّز وتحقيق التفرّد عن الآخرين، مؤكّداً قيمة الكتابة الإبداعية وتعقُّد مساراتها وتفاعُلاتها مع الشروط المرافقة لها.

وقال برادة إنّ للمبدع طبيعة خاصّة يرى من خلالها كلّ الانحرافات ويسعى إلى تقويمها وتوجيهها نحو وجهات صحيحة، كما أنّ له نزوعاً إلى التمرّد على الموروث وما تفرضه الطبقات والتقاليد الحريصة على الاحتفاظ بالامتيازات والفوارق التي تحمي الاستغلال والتسلّط. و"من هنا يعمل معظم الكُتّاب على الانشقاق عن طبقتهم بحثاً عن طبقة أُخرى تتيح لهم إسماع صوتهم وتوسيع تأثير كتاباتهم ومواقفهم".

وخلال الندوة، تحدّث محمّد برادة (86 عاماً)، أيضاً، عن تقدُّمه في العمر، قائلاً إنّه يقترب من موعد توديع عالم الأحياء، وأنّه، اليوم، في حالة من الشكّ والانبهام، حين يقارن بين ما عاشه في الواقع وما رسمه في إبداعه، مضيفاً أنّ الحنين يستبدّ به إلى الماضي بكلّ ما فيه من متعة، ليختم بالقول إنّ الإبداع الأدبي في العالم العربي، بمختلف تجلّياته، يعيش حالة حصار، بعيداً عن القرّاء المفترضين، "لأنّ القيم الماضوية تفرض وجودها وهيمنتها على مؤسّسات الدولة ووسائل الاتصال والتثقيف".

المساهمون