توجّه محمد رضا منصور إلى فن الكاريكاتير والرسم الصحافي في ستينيات القرن الماضي، بعد عمله مدرساً للتربية الفنية سنوات عدّة، وعمل في العديد من المجلات المصرية، ومنها مجلتا "صباح الخير" و"روز اليوسف"، وأسهم في تأسيس العديد من الصحف والمطبوعات المصرية والعربية.
رغم انشغاله المهني لأكثر من أربعين عاماً، ظلّ الفنان التشكيلي المصري (1939 – 2021) مخلصاً للوحة ضمن تاثّره بالانطباعية في تصويره مشاهد من الحياة اليومية في مصر المعاصرة، أو في اهتمامه برسم البورتريه لشخصيات معروفة أو من عامّة الناس.
"الفنان والإنسان في ذكراه السنوية الأولى" عنوان المعرض الاستعادي الذي احتضنه "متحف المنصورة القومي" ظهر الخميس الماضي، ويتواصل حتى التاسع من الشهر الجاري، ويضمّ مختارات من لوحاته ورسومه الكاريكاتيرية ومقتطفات من سيرة حياته.
المعرض الذي يقام في قاعة عرض "دار ابن لقمان" بالمتحف الذي يقع في مدينة المنصورة (120 كلم شمال شرق القاهرة)، يضيء تجربة الفنان التي ارتبطت بداياتها بمرحلة التزام الفن مضامين سياسية واجتماعية كما تعكسها الجداريات التي نفّذها في عدد من المدن المصرية.
يشير الناقد والأكاديمي المصري خالد البغدادي إلى أنه يمكن تقسيم تجربة منصور إلى ثلاثة محاور رئيسية:
المحور الأول يتعلّق ببمارسته فن التصوير ضمن مفهوم الواقعية الاشتراكية التي تنحاز إلى البسطاء والمهمشين، وموضوعها الرئيس همّ الحياة اليومية للفلاحين والعمال، ما يذكّر بأعمال الفنان حامد عويس (1919 – 2011).
والمحور الثاني يتصل بفن الكاريكاتير الذي عمل فيه منصور، وتميزت رسومه الكاريكاتيرية بالسخرية اللاذعة وقوة الرسالة التي تحملها عبر خطوط واثقة تتلوى وتتقاطع حتى تصف الشكل المراد، وبدا هذا واضحاً في رسومه التي تحمل مضموناً سياسياً واجتماعياً ناقداً للظروف والأوضاع المصرية والعربية، والعدوان الإسرائيلي على الحقوق الفلسطينية والعربية.
والمحور الثالث، بحسب البغدادي، يمثّل الرسوم الصحافية التي تصبح المعادل البصري/ الفني المعبر عن مضمون المقال، بل إنه أحياناً تكفيك الرسمة المعبرة عن قراءة الموضوع كله بسبب حيوية الخطوط وقوة التعبير، مثل رسمته التي تصور شخصاً راكباً دراجة، لكن إحدى عجلات الدراجة مستديرة والأخرى مربعة!
تبرز في إحدى اللوحات المعروضة امرأة تدير ظهرها للمتلقي، وهي تجلس على كرسي وتعمل على ماكينة الخياطة، فيما الثوب الواسع الذي تحوكه يغطي المكان كله إلا من قط يتخذ طرفه مخبأً له، ويظهر في لوحة أخرى الطفل الصغير الذي يسحب بيده الصغيرة حبل البقرة الكبيرة التي تسير وراءه في وداعة وكأنهما صديقان في نزهة بين الحقول في الأرياف.