في عام 1958، كتب صمويل بيكيت مسرحية "شريط كراب الأخير" وتناول فيها شخصية عجوز وثّق منذ أن كان في التاسعة والثلاثين من عمره تسجيلات صوتية تضمّ آراءه وتحليلاته والتي سيعود إليها في شيخوخته، متأملاً العلاقة الجدلية بين الزمن والوعي.
ينتمي العمل إلى مسرح العبث الذي قدّمه الكاتب الأيرلندي (1906 – 1989) بعد الحرب العالمية الثانية، وفيه يراجع كراب حياته بأقصى درجات السوداوية والتشاؤم بين مشاهد متداخلة من الصمت والحوار الذي ينبني على مفارقات بين محطتين من عمره، ليردد أكثر من مرة مقولة "الوقت موجود في الحاضر، والحاضر في الماضي، ولربما كلاهما حاضران في المستقبل".
تُعرض "شريط كراب الأخير" عند السادسة من مساء الأربعاء، الحادي والثلاثين من الشهر الحاري، في "ستوديو نغم" بالإسكندرية للمخرج المصري محمد عصت ضمن فعاليات الملتقى الذي افتتحه الاستوديو مساء الأربعاء الماضي، وتتواصل حتى العشرين من الشهر المقبل.
ينفتح العرض على طقس اعتاد العجوز على عيشه في عيد ميلاده، منذ أن كان شابّا، حيث يستعيد الوقوف عند أهمّ لأحداث التي مرّت في العام الماضي، وهو في عيد ميلاده التاسع والستين يتشرف أن النهاية المحتومة باتت وشيكة.
تحتوي المسرحية على أكثر من شخصية رغم أنها تجسد حياة رجل واحد أشار بيكيت إلى أنه لجأ إلى سيرته الذاتية في مرحلة أحسّ خلالها بالجفاف الإبداعي، بالإضافة إلى شخصيات بيانكا والفتاة ذات المعطف الأخضر اللتين أحبهما كراب، ووالديه، وأخرى متخيلة تحاكي بطل العمل.
اختار المخرج عبد الرحمن هريد بطلاً للمونودراما التي يعرضها، وأُسند فيها تصميم الديكور إلى مي المصري، والمكياج إلى مارينا مجدي، والتأليف الموسيقي إلى محمود محمود، إلى جانب مساعد المخرج محمود أشرف ومصممة البوستر سعاد عصام.
يركّز العمل على تلك العلاقة التي تربط كراب بأسطوانة التسجيل التي تواصل الدوران إلى ما لا نهاية، حيث يقول في أكثر من مرّة إن الأسطوانة هي حياته كلّها، وبذلك تكون البطل الحقيقي للعمل الذي اختزل جميع الهزائم والانتكاسات التي أصابت كراب، لينتهي العرض بأسطوانة تدور وسط العتمة التي يختفي فيها كراب.