بدأ الفنان التشكيلي المصري مدحت نصر (1948) تجربته في منتصف سبعينيات القرن الماضي، التي هيمن عليها الغرافيك بشكل أساسي مستفيداً من دراسته الأكاديمية للتصميم، ضمن نزعة تجريبية استندت إلى استخدام تقنيات متعدّدة في العمل الواحد، مثل استخدام الصور الفوتوغرافية والتجسيم ثلاثي الأبعاد والشاشة الحريرية إلى جانب فنون الطباعة التقليدية.
ارتبطت موضوعات أعماله بالواقع الاجتماعي والسياسي في مصر عبر تسجيله للعديد من الأحداث البارزة في التاريخ المعاصر، وكذلك تقديم مفردات من الحياة اليومية تظهر فيها النوافذ والورود والقباب والمآذن ووجوه لأطفال وأناس عاديّون من الحارة المصرية.
يُفتتح عند السادسة من مساء غدٍ الثلاثاء في "ياسين آرت غاليري" بالقاهرة المعرض الاستعادي لنصر، والذي يتواصل حتى الخامس من الشهر المقبل، ويضمّ مختارات من أعماله الغرافيكية تمثّل حوالي خمسين عاماً.
رغم أن الطباعة تشكّل الوسيط الأهمّ لدى الفنّان، إلّا أنه قدّم في بداياته رسومات على الورق بأقلام الرصاص والألوان الإكريليكية والأحبار كانت تنزع نحو البساطة في التكوين، ثمّ توجَّه إلى الطباعة على سطح زُجاجي باستعمال ألوان متنوّعة للتعبير عن الوجه والجسد البشري خاصة.
لا يركّز نصر عادة على التفاصيل الدقيقة إنما يبحث عن توليد طاقة تعبيرية من خلال تصوير العناصر والمفردات البصرية بتلقائية، مع الاهتمام بالعلاقة التي تربط البشر بأمكنتهم وطرازها المعماري، ويقدّم ذلك بتقشّف لوني حيث يعتمد البنّي والترابي والأسود والرمادي، مع حضور قليل للون الأحمر أو الأزرق.
تحضر كثيراً في أعماله شخصيات طفولية نحيلة وشفّافة أيضاً إلى جوار أشكال مختلفة من حيوانات وطيور وأشجار وزهور عبر الاعتماد على مزيج من الطباعة والخامات سابقة التجهيز كقماش الخيامية، وهي الأقمشة الملوّنة التي تستعمل في عمل السرادقات وتحتوي العديد من الرسومات والزخارف.
يُذكَر أن مدحت نصر نال درجة الدكتوراة في "الفلسفة في التصميم المطبوع" عام 1983 عن أطروحة بعنوان "التصوير الضوئي أداة من أدوات التشكيل في التصميم المطبوع"، وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في إيطاليا وألمانيا والسويد والمكسيك والكويت، إلى جانب مصر.