"معجم نازح" لهالة الناجي.. لغةٌ تقود إلى جغرافيا مستعمَرة

19 نوفمبر 2024
هالة الناجي في المعرض
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- معرض "معجم نازح" للفنانة هالة الناجي في القاهرة يسلط الضوء على مأساة الفلسطينيين في غزة، موثقًا كلمات جديدة دخلت القاموس الفلسطيني بعد أحداث أكتوبر، مثل "مناشدات" و"مقابر جماعية".
- يقدم المعرض خريطة تفاعلية لغزة، حيث يمكن للغزيين توثيق مسارات نزوحهم، مما يعيد تشكيل الجغرافيا الفلسطينية بشكل مجازي يعكس واقع الاحتلال.
- المعرض يستخدم الوثائق والتجهيزات لتفكيك مفهوم الخريطة الاستعمارية، مستعينًا بأصوات الناجين وتجاربهم لتسليط الضوء على الإبادة الجماعية التي يعاني منها الفلسطينيون.

يصحّ القول إنّ للنكبة المستمرّة التي يعيشها الفلسطينيون منذ عام 1948 لغةً ومفردات وقاموساً خاصّاً في تاريخ قضية التحرّر من الاحتلال الإسرائيلي، وقد أضافت الإبادة الصهيونية في غزّة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر فصلاً مأساوياً جديداً، يكاد يفوق بأهواله وتضحياته كلّ ما حدث خلال خمسة وسبعين عاماً مضت.

وضمن هذا الإطار، تُقدّم الباحثة المعمارية والكاتبة الفلسطينية هالة الناجي معرضها "معجم نازح"، الذي افتُتح في السابع من الشهر الجاري بـ"ممرّ كوداك" في القاهرة، ويتواصل حتى الرابع والعشرين منه، بالتعاون مع مبادرة "حكايات فلسطينية".

وثائق وتجهيزات تقرأ الخريطة بوصفها مفهوماً استعمارياً إبادياً

يضمّ المعرض شرحاً لبعض الكلمات من قاموس الحرب على غزّة، ومُجسّماً لخريطة القطاع، ليقوم الغزّيون الموجودون في القاهرة بتوثيق مسار نزوحهم، وتحديد مُدنهم وشوارعهم وبيوتهم عليها بطريقة تفاعلية تُعيد تشكيل الخريطة الممدودة على الأرض من جديد. وبين القاموس والمجسَّم تُعاد صياغة اللغة والجغرافيا الفلسطينية المستعمَرة بشكل مجازي يُحيلنا إلى أرض الواقع الغزّي ذاته الذي أبادته آلة القتل الإسرائيلية مكانياً وإنسانياً.

هالة الناجي تتتبّع أحد مسارات النزوح على خريطة لغزّة في المعرض
هالة الناجي تتتبّع أحد مسارات النزوح على خريطة لغزّة في المعرض

تطالع الزائرَ بدايةً جدارية، هي تجهيز ضخم، تضمّ الكلمات التي اقتحمت حياتنا بعد السابع من أكتوبر، ويجهد الاحتلال في ترسيخها بالقوّة، ولكنّها في الوقت عينه دليلٌ توثيقي على وحشية غير مسبوقة ولا مردوعة عى مستوى العالم. ومن الكلمات والعبارات التي يتضمّنها المعرض: "مناشدات"، و"مناشير"، و"كوادكوبتر"، و"أسطوانة إجلاء"، و"براشوت"، و"لمحت مخّو طلع"، و"مربّع كامل"، و"معلش"، و"مطالوهومش"، و"نقطة شحن"، و"الشمال"، و"الصفقة"، "شهيد الطحين"، "زي ما رحتي زي ما جيتي"، و"انمسحوا من السجلّ المدني"، و"الحلّابة" (هيكل إذلال أمني يتّخذ شكل بوّابة أو حاجز) و"طلعنا بالهدنة باللي علينا"، و"فسفور"، "و"بينتقموا منّا بالأولاد"، و"مقابر جماعية"، و"حزام ناري".

وكما هو ملاحَظ، فإنّ الكلمات التي توثّقها الناجي تعكس جانباً من مأساة الإنسان الغزّي، وأغلبها بات المواطن العربي الذي يترصّد الشاشات على عِلم بمعناها، ويدرك تماماً خلفيّاتها، فبعضُها ارتُكب بعيد مجزرة أو اقتحام، وأُخرى تُعبّر عن الفارق الهائل في ميزان التكنولوجيا الحربية الذي يستغلّه الاحتلال الصهيوني لجعل الإبادة الجماعية شاملة لا في قطاع غزّة فحسب، بل في عموم فلسطين المحتلّة.

من معرض معجم نازح - القسم الثقافي
جانب من المعرض

على الجانب المقابل للُّغة، تلعب الخريطة دوراً مُكمّلاً في معرض "معجم نازح"، وذلك عبر إظهار معاني الكلمات وتبيئتها فلسطينيّاً، ففي الوقت الذي رسّم فيه جيش الاحتلال جغرافيا إبادية من خلال الإخلاءات والنزوح ومسح المربّعات السكنية وتحديد معابر الإجلاء حتى غدا مفهوم الخريطة استعمارياً صرفاً، يحاول المعرض تفكيك هذه الصورة بالاستعانة بأصوات الناجين والناجيات واستنطاق تجاربهم عبر الصور والوثائق الأرشيفية والتسجيلات وتحديد مسارات نزوحهم حتى رحلة خروجهم من القطاع.
 

المساهمون