في دورة العام الماضي، احتفى "معرض الدوحة الدولي للكتاب" بمرور خمسين عاماً على تأسيسه، حيث كان، عام 1972، أوّل حدثٍ سنويّ موسّع للكتاب يُطلَق في الخليج العربي.
وإذا كانت الدورة السابقة قد استضافت 430 ناشراً، فإن دورة هذا العام (الدورة 32)، التي انطلقت صباح اليوم الإثنين، تستضيف 505 من الناشرين المباشرين محلّياً وعربياً ودولياً، الذين جاؤوا من 37 دولة ليقترحوا على زوّار المعرض 180 ألف عنوان. دورةٌ تحمل شعار "بالقراءة نرتقي"، وتستمر حتى الحادي والعشرين من حزيران/ يونيو الجاري.
شارع المتنبّي
ولأوّل مرّة، افتُتح في هذه الدورة جانبٌ لـ"شارع المتنبي" بمشاركة ستّ مكتبات من بغداد تمثّل عيّنة من الشارع التراثي المعروف على ضفة دجلة، والذي أخذ اسمه منذ ثلاثينيات القرن الماضي من الشاعر العربي القديم، ويمتدّ على مسافة كيلومتر، ويعجّ بالمكتبات على جانبيه، وخصوصاً مكتبات الرصيف.
ويقول مازن قاسم، صاحب دار "الأمس"، إن معرض الدوحة "قدّم لفتة طيبة" عبر اختيار عيّنة من مكتبات شارع المتنبي، وهي جميعها تعرض الكتب القديمة والمستعملة، "التي تلقى اهتماماً خاصّاً لِعدم توافرها كما الكتب حديثة الإصدار، ولأهميتها التاريخية والمعرفية، إذ إن الكتب لا ينفد مفعولها، لأنها تقوم على الأفكار والإبداع".
السعودية ضيف شرف
وتحلّ المملكة العربية السعودية ضيف شرف على نسخة هذا العام، حيث يعرض الجناح المخصَّص لها إصدارات وزارة الثقافة، ومنها حولية "أطلال" للآثار، ومجموعة من المخطوطات والكتب ككتاب "الحِيَل" (علم الميكانيكا) للجزري، ومخطوط "الأوائل" لمؤلّفه أبو هلال العسكري يعود للقرن الرابع الهجري، إلى جانب عرض لعدد من القطع الأثرية، أبرزها من الفاو، عاصمة مملكة كندة القديمة، وهي تقع جنوب الرياض على بعد 700 كيلومتر.
وقبل دخول الجناح السعودي ثمّة شابٌّ يقدّم عرضاً حيّاً، مرتديّاً زيّاً قديماً من أزياء تلك العاصمة التي كانت حلقة الوصل بين شمال وجنوب الجزيرة العربية قبل الإسلام.
ونطالع التماثيل البرونزية والحجرية ولوحة جدارية تعود إلى القرن الميلادي الأول، وتبرز فيها صورة شاب يُدعى زكي، ومجمرة عليها خطّ المسند، وشاهدة قبر عليها نَحْتٌ لملامح بشرية من القرن الخامس قبل الميلاد في منطقة تيماء جنوب شرق تبوك، ورأس ومخلب أسد من نجران يعود إلى القرن الميلادي الثاني.
واعتباراً من يوم غد الثلاثاء، تبدأ سلسلة محاضرات تُعاين الحراك الثقافي في السعودية، ومنها محاضرةٌ حول الخط العربي بالبلد يتحدّث فيها صلاح السديمي، وأُخرى حول حركة الترجمة فيه وتطوّرها لعبد الرحمن السيد وهند العيسى، و"السجلّ الحضاري: شواهد جديدة" لعبد الله الزهراني، و"تجربة تقرير الحالة الثقافية في المملكة" لرائد السفياني ومنذر الأنصاري، فيما يحاضر ياسر الحزيمي عن "هندسة العلاقات الإنسانية".
برنامجٌ ثقافي واسع
وعلى المسرح الرئيسي للمعرض، يشهد البرنامج إقامة 37 ندوة ثقافية، وعلمية، وأدبية، واجتماعية، إضافة إلى أمسيات شعرية، منها ندوة "الرواية العربية: قيمة الجوائز ومعايير التحكيم"، ويتحدّث فيها خالد السيد، مدير إدارة الشؤون الثقافية والفعاليات في "كتارا"، والروائي الجزائري واسيني الأعرج، والروائي العماني زهران القاسمي.
كما تُقام ندوة "اللغة العربية: الحماية القانونية وبناء مجتمع المعرفة" ويتحدّث فيها علي الكبيسي، المدير العام لـ"المنظّمة العالمية للنهوض باللغة العربية"، وعز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي لمشروع "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، وندوة "الرؤية المستقبلية لصناعة النشر في الوطن العربي والعالم"، ويتحدّث فيها بشار شبارو، الأمين العام لـ"اتّحاد الناشرين العرب"، وفاطمة السويدي مديرة "دار نشر جامعة قطر"، ومحمد العبيكان، مدير إدارة النشر والترجمة في "دار العبيكان"، إلى جانب محاضرة بعنوان "الوجه الآخر للمثقّف" لنايف بن نهار، مدير "مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية" في "جامعة قطر".
ويُقام على هامش الدورة الحالية 87 نشاطاً من ورش فنّية وفعاليات للأطفال ومسرح للدمى، إلى جانب فعاليات حول الطبخ الحيّ، وعروض في الفن التشكيلي والتصوير الضوئي وأُخرى موسيقية على العود والكمان والقانون.