"من مكّة إلى لاس فيغاس" لعلي عبد الرءوف: اضمحلال المقدَّس

15 سبتمبر 2023
إطارٌ دنيوي يمزّق الأجواء الروحانية ويُشتّت البصر والبصيرة (Getty)
+ الخط -

لعب الموقع الجغرافي والروحي لمدينة مكّة دورًا حيويًا في صياغة التحوّلات العمرانية والمعمارية التي طرأت على المدينة، وكان للشخصية المكّيّة التي تبلورت أكثر ما تبلورته في التجار الفهلويّين مُسبِّعي الكارات والقارّات، دورٌ مماثلٌ، ولا سيّما كـ"وسيط ناجح ومحايد بين عالمين". وعلى الرغم من الأحداث الكبرى التي وقعت على أرضهم أو تصارعت عليها، حَكَمَ ميل المكّيين للموازنة بين الشيء ونقيضه على هذه التحوّلات بأن أخذت مسارها على نسبةٍ من المَهل تتيح التمازج والتوطين الطوعي.

وفي هذه بالتحديد، لم يكن تغيير استخدامات الفضاء المحيط بالكعبة استثناءً، حيث جَرَت توسعة الحرم المكّي عدّة مراتٍ على امتداد الخلافات الراشدة، فالأموية والعباسية، ثم العثمانية، وكان نقاش البتّ في التوسعة - مع ما تخلّله من شد وجذب حول الأحاديث والمنقولات في هذا الصدد - إسلاميًا صرفًا بادئ ذي بدء، وعاكفًا على التوفيق بين راحة الحجاج من جهة والالتزام بما كان عليه المكان في زمن الرسول من جهة أُخرى.

وبالرغم من الظل الذي ألقاه تعاظُم النفوذ الإسلامي على المعطيات الاقتصادية وما تبعها من مظاهر البذخ والوفرة على الخامات، أي استدخال الزبير للرخام، وإلحاق عبد الملك بن مروان وابنه الوليد إياه بالسّاج والذهب، وذهاب العباسيين والعثمانيين إلى ما هو أبعد من ذلك في إعادة الهيكلة؛ إلا أن الخروج عن النص لم يطَل على امتداد هذا الإطار الزمني لا مركزية الكعبة كنواة تخطيطية ولا فكرة التطلُّع إليها. هكذا حتى تدخُّل النيوليبرالية والشركات متعدّدة الجنسيات تحت مظلة سعودية حكومية، تستظل بدورها بالمؤسسة الدينية الحكومية أو ما يسميه المعماري والناقد والأكاديمي المصري علي عبد الرءوف "فقه البادية" في كتابه "من مكّة إلى لاس فيغاس: أطروحات نقدية في العمارة والقداسة" (مدارات للأبحاث والنشر، 2014).

تحالف بين السلطة الدينية وسلطة التدفّقات النقدية البترولية

لعب هذا الفقه "وكبار علمائه"، الذين ساووا بأجر الصلاة في جناحٍ فُندقي مُطلٍّ على المصلّين في الحرم أجر الصلاة بينهم، دورًا حيويًا في تسويغ عوامل الربح والاستثمار والاستهلاك، الأمر الذي لم يؤدّ لتسليع المقدس وإفراغ بعض المناسك من مضمونها الروحي فحسب، بل تجريف جوانبٍ من الفضاء المحيط أيضًا، والذي يجادل كثيرون بأنه غير محظيٍّ بمكانةٍ دينية عينية تستوجب إجراء أي نوع من الاستفتاء ولو ضاق إطاره، قبل الشروع بهدمه لأغراض التوسعة أو لتشييد مزيد من المرافق.

ويمضون بزاوية الرؤية هذه غير آخذين بالحسبان أنّ هذا الفضاء كان دون أدنى شك مسرحًا لكثير من الأحداث ذات المكانة الرمزية تاريخيًا وحتى عاطفيًا في أذهان المكيين، كما في أذهان عموم المسلمين الآتين من كل فج عميق، ليس لأداء فريضة الحج والبقاء في غرف مكيّفة فحسب، بل ليجولوا ببوصلة سِيَريّة بين الصور المتخيلة لتلك الأحداث، حيث يمكن أن تكون قد وقعت بالتقريب، أي أن تجربة معايشة هذا الفضاء بكل ما يحيطه من زخم روحي هو عامل جذبٍ بما لا يقل كثيرًا عن الغاية الأساس.

وبالتالي فإن الارتطام بكتلٍ خرسانية صَمّاء، وناطحات سحاب شاهقة تحجب المشاعر كما لو أنها خُردة في أفنيتها الخلفية "غير الحديثة"، يُعرقل الانغماس في التسلسل الحركي للأحداث التي يُعاد إحياؤها بالمناسك، ويُبدّد أي شعور بالارتقاء المعنوي إلى قمّة، لأننا بعينٍ شاقوليّة الفحص لهذا التشظّي، نبدو وأكثر ما نُقدّسه أقزامًا، في مشهدٍ يُحيل الخيال لحيث سمّى علي عبد الرءوف كتابه، أي "من مكة إلى لاس فيغاس" أكثر مما يُحيل لموطن النبي العربي، ولقِبلة السَّكينة والتضرُّع، الأمر الذي يكتنف الأُلفة الروحية بغربةٍ لا زمنية فحسب، بل مكانيّة في المكان ذاته، الذي حجبته "المادية الباردة".

غلاف الكتاب

يقف كاتبنا في مُستهَلّ أطروحته على "رباعيّة من الصدمات"، ألمّت به في الرحلة التي بلورت فكرة كتابه وصاغت إشكالاته النقدية، أوّلها نصيحةٌ من جدّه قبل زيارته الأولى لمكة ألّا يرفع بصره عن موقع قدميه من لحظة دخوله الحرم وحتى فناء المسجد، ثم يرفع رأسه مُحجمًا عن إطراقه في حضرة الكعبة فقط لتحتويه "الكتلة السوداء المقدسة المهيبة"، غير أن اتّباعه النصيحة لم يحيّد عن مجاله البصري ما وصفه بـ"إطار دنيوي رخيص يمزق الأجواء الروحانية ويشتت البصر والبصيرة"، والصدمة الثانية كانت عند عودته بعد مدّة وقد شُيّدت أبراج البيت، مشيرًا إليها بـ"الكتل الخرسانية الأسطورية لأبراج متوحشة"، "تشق السماء بقسوة يتراجع معها كل شيء ويصغر ويتضاءل ويُهمَّش، بما في ذلك الكعبة ذاتها"، أما الثالثة فكانت عند زيارته دولة الفاتيكان، واعتلائه قبة كنيسة سان بيتر الشهيرة ليشاهد "المحيط العمراني يخضع خضوعًا مقدسًا" للصرح ومُلحقاته وإطلالة البابا عليه.

وقوفه على مشهديّة المقدس في مكة متضائلًا، رغم المجاهدة نفسيًا وفعليًّا للحيلولة دون ذلك، مقابل مشهديّة تسيُّد وطغيان ما لا يُقدّسه في الفاتيكان على حالته الشعورية دون أدنى تطلّعٍ مقصودٍ كسابقه، دفعه للقول إن "هذا الخضوع لا يمكن أن يتحقق إلا بإدراك شعبي ومؤسّسي" لحقيقة أن "هذا المكان له طبيعة مقدسة تتجاوز أي إطار دنيوي ربحي قد يغري البعض باستغلاله وتغييره وتشويه أجوائه الروحانية المقدسة لجموع المسيحيين". وبعد معاينة الخلل، ثم اختبار نموذجٍ لما يمكن للواقع أن يكون عليه لولاه، كان لعبد الرءوف أن زار "مدينة الخطيئة" لاس فيغاس لحضور مؤتمر، وبينما يتجوّل مستكشفًا مُستقَرَّ صدمته الأخيرة، وجد نفسه "متورطًا بصريًا وعاطفيًا وذهنيًا ونقديًّا في عقد مقارنة بين المدينتين" (الأخيرة ومكّة)، لافتًا إلى أنه لقسوة المقارنة أجبر نفسه على تحويل انطباعاته لهذا العمل البحثيّ المُطوَّل، الذي ستحاول هذه المراجعة معالجة أهم ما جاء به.

كتلٌ خرسانية تحجب المشاعر وتبدّد الشعور بالارتقاء الروحي

يثمّن علي عبد الرءوف في مطلع أطروحته سعي الحكومة السعودية الحثيث لتسهيل تأدية شعائر الحج، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن لمنصف أن ينكر الجهد الجبار وبلايين الدولارات التي تخصّصها المملكة العربية السعودية لتحقيق ما يوصف عادةً بأنه "البيئة الآمنة والمريحة" للحجاج التي تتضمن أوجه الإنفاق والرعاية الطبية والإسعاف الأرضي والطائر والمواصلات بأنواعها والمطافئ ومدن الخيام غير القابلة للاشتعال وأنظمة المراقبة، وغيرها من الخدمات التي تحقق البيئة المنشودة"، لكن ذلك لا يُلغي وجوب الحرص على ألا تتحوّل "مكّة المكرمة التي كانت يومًا من الأيام واديًا قاحلًا يستقطب الحجاج في رحلة روحانية تطهيرية" إلى "نطاق تجاري استثماري استهلاكي".

يقدّم الفصل الأول بعنوان "مكة المكرمة: تاريخ المكان وقداسة العمران" محاولةً لفهم تاريخ التواصل بين القيمة الروحانية للمدينة وما طرأ عليها من تحوّلات وتطورات ومشروعات، وذلك عبر مراجعة الأدبيات المنشورة واستعراض الجهد السعودي الحكومي ومخططاته التنموية الرئيسة في إطار تحليلي، عارجًا على الجذور التاريخية للمدينة، ونمو نسيجها العمراني الذي "تبلور في تشكيل دائري يستجيب لمركزية الكيان الأهم فيه وهو البيت الحرام"، حيث "ظلت مكة لأعوام طويلة تحتل مساحة لا تزيد عن نصف كيلومتر مربع حول الحرم وتحيط بها أسوار لحمايتها والدفاع عنها"، حتى خضعت للحكم العثماني وظهر على الجبال المحيطة بها نسق معماري جديد هو القلاع الدفاعية.

رغبة ملحّة ومتزايدة لاستيفاء معايير "المدن العالمية"

يتطرق بعد ذلك للأهمية التي تتمتع بها المدينة جغرافيًا وروحانيًا، حيث إن "الإطار الجغرافي ومورفولوجية الأرض وتضاريسها، بالإضافة إلى التفسير الشرعي لمناسك الحج وتدرُّج القداسة المكانية للبيت الحرام إلى خارج نطاق المسجد الحرام، أنتج ما يمكن أن يُوصف بالنطاقات المكانية الشرعية"، ثم يوضح تأثير هذه النطاقات على السياق العمراني وتأثير التوسّعات المتعاقبة عليها من أوّلها على الإطلاق، ثم منذ تولي آل سعود الحكم استنادًا إلى بيانات الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام، ويختم باستعراض مقترحات للمخطط الهيكلي للمدينة قدّمتها "دار الهندسة"، والتي عكست "الوعي النسبي للمخططين الذين طرحوا تصوراتهم عن المدينة المقدسة" من جهة، تمامًا كما عكست عدم اعتزام الحكومة السعودية "مقاومة أفكار تنموية تُسقط الأبعاد الروحانية للمكان" من جهة أخرى.

ويأخذنا الفصل الثاني في رحلات حجيجٍ أرشيفية إلى مكة بما كانت تعنيه مشقّة الوصول إليها، والسعي تطلُّعًا لإبصار الكعبة "ببنيتها التشكيلية كمكعب نقي" عبر البيئة العمرانية والأنساق المعمارية التي تكتنفنا من تخومها وحتى الحرم، مبيّنًا دور هذه العوامل متظافرةً في نقل المسافر تدريجيًا إلى مستويات حسّية مُهيِّئة للانغماس في التجربة التطهرية، وهو عكس ما تبثه في نفس المسافر الأنساق المعمارية المحيطة بالحرم اليوم، حيث لم تعد التشكيلات والبنيات الهندسية والجيومترية تُوظَّف "لإضفاء البعد الروحاني والقداسي" وذلك "لصالح تعريف ضيق ومحدود للعمارة" وفي إطار "المبادئ النفعية للكفاءة والاقتصاد"، ثم يقدّم الفصل فهمًا فلسفيًا للعلاقة بين الفراغ والصلب (solid-void relationship)، ثم لعلاقة الإنسان بالتشكيلات الفراغية التي أنتجتها طبيعة هذه العلاقة، ثم يضيف لهذين البُعدين قراءةً فلسفيةً لقداسة المكان، ومكانة المقدّس، وللروحانية في معمار وعمران المجتمعات الإسلامية، ثم يخلُص لتصنيفين سائدين لهما، يشكّلان باعتقاده "أزمة التفسير المعاصر".

وبعد تشريح مكة كحالة "فريدة في المستقرات الإنسانية التي عُرفت في السياق الإقليمي العربي وحتى العالمي"، ثم كـ"أطهر بقاع الأرض" و"ملتقى الشعوب الإسلامية كلها"، يضع الفصل الثالث مكّة في سياقٍ معماري وعمراني أكثر تخصيصًا؛ وهو السياق الخليجي المُعاصر وموقعه من النيوليبرالية والعولمة، واستجابته "لرغبةٍ مُلحّة ومتزايدة للوجود على المسرح العالمي"، واستيفاء معايير "المدن العالمية" (Global Cities) كما عرّفتها الباحثة ساسكيا ساسن من منظور شكلها العمراني وتركيبتها البصرية، ومنظور قدرتها على خلق مركز جذب للاستثمارات والبشر والمعلومات والأموال والأعمال.

ويشير الكاتب إلى مقدرة طرح ساسن على تفسير نمو مدن الخليج العربي ومن ضمنها مكّة، مبيّنًا معضلة "استدامة الروحي والمقدس" في ظلّ توجّه كهذا، وقُصور الحلّ المطروح لهذه المعضلة متمثلًا في "حصر فكرة الحفاظ على الجانب الشكلي السطحي من التراث"، وذلك كي لا "يتحوّل كل السياق المحيط بالحرم المكي إلى ديكورات مسرحية تستخدم فيها مفردات بصرية زخرفية مبتذلة لإضفاء ما يُسمّى خطأً بالطابع الإسلامي للسياق"، وإسهابًا في التبيان، يستعرض الفصل مصير الهدم المروّع الذي لاقى كثيرًا من المواقع الأثرية والتاريخية، رغم احتجاجاتٍ من جانب "اليونسكو" والدول الإسلامية الأخرى، حيث "دمروا بيت النبي محمد (ص) في مكة المكرمة ومئات من أضرحة الصحابة" وقلعة أجياد وغيرها، وذلك في ظل غياب أو تغييب "للموقف المجتمعي والقدرة النقدية للنخبة"، وإعلاء رأي فقهي واحد يقول إن الإبقاء على كل ما سبق تشجيع على "الشرك" لذا وجب تدميره.

وفي الفصل الرابع، "مكة المكرمة ولاس فيغاس: تنويعات على لحن واحد"، يستفيض الكاتب في مقارنة "آليات التنمية ومخططات التعمير والتطوير التي تتبناها المدينتان" من حيث إشكالية القيم العقارية/ قيم الأراضي، ومنطق هدم المشروعات واستبادلها بما هو أضخم وأكثر ربحية، والمفاهيم والمقاييس الضخمة "للإبهار المُبهر"، والاستحضار المسيء للقيمة في التعامل مع المقدس، حيث يتناول لاس فيغاس لا كمدينة فقط، بل كظاهرة كما حلّلها المعماري الأميركي روبرت فينتوري، ويعود في توضيح أوجه الشبه على ذكر حوادث الهدم الصارخة في مكّة مثل "هدم منزل السيدة خديجة رضي الله عنها ليعطي مساحة كافية لمشروع مغاسل عامة"، وحالة أخرى "في منزل الصحابي الجليل أبي بكر الصديق الذي هُدم ليكون هو الموقع الذي بُني عليه فندق 'الهيلتون'".

أما الفصل الخامس والأخير، "لاس فيغاسية مكة المكرمة بين الحقيقي والمتخيل"، فهو تصوُّر للتأثيرات والانعكاسات الاجتماعية والسياسية والتاريخية لما بيّنه في الفصل السابق على مكة المكرمة، وتحديدًا على تجربة الحج في ظل "الفقدان التدريجي لكل الدلائل المادية التاريخية التي تعود إلى زمن النبي وصحبه وأهله وخلفائه"، مُعبّرًا عن أن "ما يحدث في مكة يجعلنا دائمًا نتخوّف من وجود تحالف غير مرئي بين السلطة الدينية وسلطة التدفقات النقدية البترولية، وأن تكون هوية وقدسية وروحانية مكة المكرمة هي أولى الضحايا".

وبعد استعراض الصورة بأبعادها الثلاث، يصوغ معمارنا إجابةً على السؤال الذي يلوح تلقائيًّا في أي ذهنٍ تتكثّف فيه مشهدية مزعزعة للوجدان إلى هذا الحد: سؤال ما العمل؟

يشدّد علي عبد الرءوف أولًا على دور الضغط المجتمعي واسع النطاق، والتعبير عن انتماء جميع المسلمين المادي لا الروحي والمعنوي فقط لكل المدينة المقدسة، ذلك أن انخراطًا فعّالًا على هذه الأسس، جنبًا إلى جنب مع موقف جذري جديد للنخبة الدينية، وإدراكٍ أعمق على المستوى الرسمي "للدور الأكثر قداسة في شرف خدمة الحرم المكي"، قادرٌ بالتأكيد على تدارك الوضع والإتيان بمخرجٍ خلّاق يعيد للمدينة شخصيّتها، لأنه "بكل بساطة ومباشرة لا يمكن أن تستعيد الدول العربية والمجتمعات الإسلامية دورها الإبداعي في الحركة المعمارية والعمرانية المعاصرة دون تفعيل حتمي لمنظومة نقدية مخلصة تختبر بمصداقية ما يضاف إلى عواصم بلاد المجتمعات الإسلامية ومدنها وقراها ومستقراتها"، مشيرًا إلى أن على منظومة النقد الواجب تفعيلها ضد "العنف المعماري" أن تطاول مفهوم النهي عن المنكر، لأن "فلسفة الحج تتعمّد المعاناة لأنها أحد مقومات الخلاص والمغفرة"، وهو ما لا تتخلّله تجربة "الحجاج الأغنياء كما تستوعبهم الفنادق العملاقة فيسعدون بحمامات البخار وفقاعات الجاكوزي العطرة في الفترات البينية التي يؤدون فيها المناسك".

أما في تصوره عن الحل الفعلي، فهو يدعو للاستفادة من كيفية تعامل السلطات والقيادات الدينية المسيحية مع مدينة الفاتيكان وكنيسة سان بيتر وكل السياق العمراني للمدينة المقدسة للطائفة الكاثوليكية، و"للتفريق بصورة جذرية وفقط من منظور عمراني وتخطيطي، بين تطوير البنية التحتية ودعمها بالتقنيات الحديثة، وبين إنهاء القيمة الروحانية والمقدسة للمكان من خلال مشروعات تتجاهل دوره الديني"، والذهاب أبعد من وقف مسلسل البناء المتسارع، وأبعد من طرح "الهدم هو الحل" إلى "الهدم هو البناء"، لأنه فقط "بالتخلص من اعتداءات مجحفة وقاسية طاولت قلب المدينة" أيًّا كانت التكلفة وتحديدًا في ظل عدم وجود ضائقة حقيقية تعيق ذلك كما تُبيّن المشاريع الكبرى المطروحة حاليًا، يمكن صياغة منطق التعامل التنموي في مكة "من منظور واحد فقط، وهو أنها محمية روحانية مقدسة".


* كاتبة من فلسطين

المساهمون