يستند الفنان المغربي مو باعلا إلى تراث من الحرف والفنون التقليدية في بلاده من منسوجات ورسوم يدوية مع مناخات من الموسيقى والأغنية الشعبية التي يحاول أن ينقلها في أعماله ضمن تشكيلات عوالم سوريالية تسعى إلى تخيّل العالم من منظور طفولي أو حلمي.
"غياب وحضور، شظايا بين اليد والعقل" عنوان معرضه الجديد الذي افتتح في "رواق دولاكروا" التابع للمعهد الفرنسي بمدينة طنجة (250 كلم شمال الرباط)، في العاشر من الشهر الجاري ويتواصل حتى الحادي والثلاثين من أيار/ مايو المقبل.
يستعين باعلا بوسائط متعدّدة من الورق والكولاج والتصوير الفوتوغرافي لتقديم أعماله التي تقترب من أشغال الحرفيين في الأسواق والبازارات في قلب مدينته تارودانت بالجنوب المغربي، كما يوظّف أيضاً الغرافيتي وفنون الشوارع وتصميم الملصقات والنحت والعزف الموسيقي وعروض الأداء أحياناً.
يقارن بعض النقاد بينه وبين الفنان جان ميشيل باسكيا (1960 – 1988)، الذي دمج الراب وموسيقى البانك وفن الشارع في ثقافة موسيقى الهيب هوب من خلال لوحاته التعبيرية التجريدية، وتناول ثيمات محدّدة تتعلق بالفقر والصراع الطبقي وانتقاد العنصرية والسلطة.
أما باعلا فيشترك مع باسكيا في استكشاف تلك العوالم السفلى والمسحوقة، حيث كان يبيع السجائر من أجل تأمين لقمة عيشه، بعد نشأة مبكرة لدى جدته وطفولة أمضاها في الريف يراقب رموزاً على الجدران والحيوانات والناس في الحقول والجبال، والأشجار المتشابكة في تشكيلات غرائبية، وينصت إلى الأساطير التي تروي خرافات عن كائنات نصفها آدمي ونصفها وحشي.
مواضيع مثل غياب الوالدين والحرمان والفقر والذي يحاول تعويضه من خلال الرسم كمعادل موضوعي للقصص التي سمعها عن والديه، وغيرها من الحكايات التي يتناولها في ممارسة فنية تبدو كمحاولة لإعادة تنظيم أفكاره هو نشأته الأولى حيث كان يجمع الدمى المكسورة ومطبوعات مستعملة من حاويات القمامة ثم بداية تعرفه إلى الموسيقى والفلسفة والتاريخ من خلال بائعي الكتب، وكيف ينظر إليها اليوم بعد أن التقى بالفنانين وأحاب الغاليريهات.
في أحد الأعمال، يسير رجل فوق منقار طويل لطائر ضخم يقف فوقه رجل آخر بينما يتدلى من المنقار سلسلة ويجلس في الأسفل طيور صغر حجماً يحيط يها بنايات وأشجار. وفي عمل ثانٍ، يقف رجل رأساه على هيئة يد بعين واحدة، يحتل رأس طائر محلّ أحد كفّيه، وفي الخلف تظهر وجوه واسكال لحيوانات حقيقية وأخرى متخيلة.