في عام 1810، نشر أصدر يوهان فولفغانغ فون غوته كتاب "نظرية الألوان" الذي واجه اعتراضات كبيرة في الأوساط الأكاديمية آنذاك، إلا أنه ظل موضع اهتمام شديد لمجموعة من الفلاسفة والفيزيائيين البارزين، مثل آرثر شوبنهاور وكورت غودل ولودفيغ فيتغنشتاين وآخرين.
طورّ الشاعر وعالم الطبيعة الألماني (1749 – 1832) كتابه من مقالين قصيرين نشرهما في وقت سابق حول البصريات؛ أحد الحقول التي اهتمّ بها في بحثه، في محاولة لتقديم منظور مختلف عن نظرية نيوتن، والتي شاعت منذ القرن الثامن عشر حول الضوء عديم اللون (الأبيض)، الذي ينقسم إلى الألوان المكوّنة له عند توجيهه من خلال موشور زجاجي.
عن "دار الرافدين"، صدرت حديثاً النسخة العربية من "نظرية الألوان" بترجمة حيدر عبد الواحد راشد، التي تضيء جهود غوته الساعية إلى تفكيك الظواهر المُدرَكة بدلاً من التعامُل معها ككيان متكامل، يسلب الجانب الانطباعي والحسي أيّ قيمة علمية حتى في عالم الفيزيولوجيا.
ينطلق الكتاب من خلفية مؤلّفه المتعدّدة سواء باهتمامه بالأدب والنقد وعلوم الجمال والتشريح والنبات، حيث انطلق في تعامله مع المعطيات الحسية كعناصر جمالية لا كمظاهر مادية بحتة، كي يستدرك ويناقش تصوّر نيوتن الذي شجّع على نشأة مناخ فيزيائي اختزالي، بحسب زاوية نظر غوته.
ولا ينزع غوته في الكتاب إلى وضع نظرية للألوان أو تفسير عِلمي لطبيعتها الأساسية، لكنه يفترض أنها ظاهرة في حدّ ذاتها، قدّم تصوراً حول نشأتها ضمن عرض منهجي دون محاولة إظهار علاقتها بالألوان المادية، وتأكيده على أن النور والظلام يرتبطان ببعضهما البعض مثل قطبَي المغناطيس.
يشير تقديم الناشر إلى أن "الكُتّاب الذين تناولوا نظرية الألوان، اقتصروا في ملاحظاتهم على تلك الأجزاء التي عُنِي فيها بتفسير ألوان طيف المنشور، وكذلك ألوان الانعكاس، استناداً إلى مبادئ تختلف عن نظرية نيوتن التقليدية، بحسب غوته".
ويضيف بأن "المزايا التي لم تحْظَ بكثير من النقاش في هذا البحث، وتمتاز ببنية متناسقة من الملاحظات والتجارب يعدُّ الكثير منها هاماً ولافتاً، فقد كانت مهملة إلى حدٍّ كبير حتى الآن. ولذلك فقد كان من الأَولى أن يقدّم العمل بأسره دون أي تصرف، لأن بعض القرّاء العِلميين قد يدفعهم الفضول للاستماع إلى المؤلّف نفسه، وهو يفصح عن رأيه في ما يخص النقاط الأقلّ بروزاً، أكثر من لهفتهم لمطالعة ما طرق أسماعهم من قبل".