لم يعُد لديّ ما أُعطيه
بعدما سَردْتُ حياتي بما يُغيظ الشِّعر
وبما يكفي لأرتّبَ وليمةً تليقُ بغيابي
وأقتسم الميراث مع أبناء عمومة:
قمصاني المُضطَهدة في دولابٍ ضيّق
سراويلي القديمة بنظّارات طبيّة
دون أن أكون قد استدرتُ يومًا أو رأيت شيئًا،
كُتبي يطهوها الإحباط فوق خشبٍ مجعّد
حتّى سمعتُ باضطراب نوم شعراءَ وكتّابٍ كثيرين،
خيولي المصنوعة من البَرْواق تصهل في إسطبل الشمس
أحذيتي المقلوبة على وجهها كسلاحفَ ميّتة،
جواربي بلون الغراب،
سريرُ نومٍ بصيغة المُفرد،
وجهي مُنقبضًا في صورة البطاقة الوطنية
وفي أُخرى أبتسم للبحّار في جواز السفر،
أبي يغرس مذراةً في جيفة الأيام
فيما أمّي تطحنُ القهوة في مِدقّة من نحاس
والمساء يعبق بالرائحة في وصلتين،
جدّي يقلّم أظفاره بمنجَل الحصاد،
جدّتي بفمٍ فارغ تقلّب حبّات اللوز
من غير أن تمضغَ أو تمجَّ،
عمّتي تعصر بطنها دون أن تتمخّض
أو تلد فأرًا
أو حين تضربُ أكوام الصّوف بعصا يابسة
أو عائدة من الغابة بشجرةٍ على الظهر
يا للسلاحف تطلُّ من الماء ثمّ تختفي كحظٍّ سيئ!
ويا للغابة المشّاءة بحذاءٍ من البلاستيك!
خالتي بعينين مطفأتين تتحسّس الضوء في مطبخٍ طيني،
صورة جارتين جالستَين بتباعُد
والثالثة تمشي بينها بكبّة خيط
وظلّي يتردّد بين وتدين،
أرامل الجنود وقد صِرن عاملات زراعيات بقبّعات عسكريّة،
وقصائدي تطويها خيوط الظلام
كمصباح زيتٍ في ممرّ مُعتمٍ
أو حين تجرفها الاستعارات في مشهدٍ تسبح الكلمات
على ظهرها،
أشيّعها بعيون مطمئنّةٍ
وإحساس موظّف قديمٍ يُنهي الخدمة طواعيّة
وبلا مُكافأة.
* شاعر من المغرب