إذا ما تخيّلنا خريطة العالَم بوصفها خريطةً فنّية، فقد يكون الفنّ الإسلامي الرقعةَ الأوسع فوق هذه الخريطة، حيث يمتدّ حضوره من أقصى الشرق حتى إسبانيا، ومن العالم العربي والفضاءين الفارسي والتركي حتى عُمق القارّة الأفريقية. اتّساعٌ جغرافيّ تأتي الاستمرارية التاريخية لتزيد من حضوره، حيث لم تنقطع فنون الحضارة الإسلامية منذ بداياتها لدى الأمويين وحتى اليوم، وهو ما قلّ ما نظيره في حضارات أُخرى تقلّصت فنونها أو اندثرت بشكل كامل.
في عام 2019، شاءت منظّمة يونسكو الإشارة إلى هذا البُعد الكونيّ للفنّ الإسلامي، عندما حدّدت يوم الثامن عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من كلّ عام موعداً سنوياً للاحتفاء بفنون البلدان المسلمة. وتُعدّد اليونسكو العديد من الأسباب لهذا الاحتفاء؛ نكتفي هنا بذكر اثنين منها: أن الفن الإسلامي كان مرآةً للتنوّع الحضاري والثقافي داخل الدين الإسلامي نفسه، وأن هذا الفنّ شكّل مصدر إلهام هام للكثير من الثقافات والحضارات عبر الأزمان والقارّات.
وبمناسبة هذا اليوم، تُقام فعالياتٌ للاحتفاء بالفنّ الإسلامي في أكثر من بلد عربي، ومن ذلك استضافة مدينة تلمسان الجزائرية، بدءاً من يوم غد، لفعاليات الدورة الثانية من "المهرجان الدولي الثقافي للمنمنمات وفنون الزخرفة"، والذي يسعى إلى إعطاء صورة عن راهن الفن الإسلامي في العديد من البلدان.
ويشارك في المهرجان، الذي يستمرّ حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، فنّانون وأكاديميون من تسعة بلدان، هي سلطنة عُمان وتركيا وباكستان وإيران وأفغانستان والهند وأوزبكستان وإندونيسيا، إضافة إلى الجزائر.
كما ينظّم "مركز دراسات الحضارة الإسلامية" في مكتبة الإسكندرية" بمصر، يوم الإثنين المقبل، ندوةً حول "الوحدة والتنوّع في الفنّ الإسلامي". تنطلق الجلسة الأولى من الندوة عند الثانية عشرة ظهراً بمحاضرة لسعيد رمضان حول المسكوكات في المتحف الإسلامي، في حين تتناول هبة الله حجازي، خلال هذه الجلسة، "تقنية صناعة الفسيفساء في المشرق الإسلامي".
ومن مداخلات القسم الثاني من الندوة محاضرة بعنوان "جماليات تصوير المرأة في الفن الإسلامي" لهبة سعد، و"الفن الإسلامي: تراث المصطلح وحداثة المفهوم" لرضوى زكي.
بدورها، تُقيم "هيئة البحرين للثقافة والآثار"، بالتعاون مع "جامعة البحرين" و"المتحف الوطني" في المنامة، النسخة الثالثة من "منتدى الفن والعمارة الإسلامية" الذي افتُتح أمس ويستمرّ حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري.
يسعى المنتدى، بحسب المنظّمين، إلى الإضاءة على "رسالة الفن الإسلامي عربياً وعالمياً" و"التعريف بدوره في إثراء الحضارة الإنسانية بما أضافه من قيَم التنوّع الثقافي وحرية التعبير والحوار ودعم التقارب بين الشعوب".
ويشتمل البرنامج على عديد من الفعاليات التي يشارك فيها باحثون وفنانون من البحرين وخارجها، ومن المحاضرات التي تُقام على هامش هذه الدورة: "المساحات المقدسة في العمارة الإسلامية: الصِلات والمؤثّرات"، و"العمارة البوسنية التقليدية: منزل سفيروزو بسراييفو"، و"العمارة والناس في التراث العربي والإسلامي: معنى المسكن".