طريقة ترتيب الأعمال المعروضة تُبرز مختلف محطات عمل كونز، منذ القطع الأولى التي تملّكت فن زمنها، حتى الأعمال الأخيرة التي تتحاور ضمناً مع تاريخ الفن الكلاسيكي؛ وبالتالي تكشف تماسك عمله ومكامن قوته، وفي الوقت نفسه تنوّع وغنى ابتكاراته.
هشّة وساخرة إلى حد كبير، لن تلبث إنجازات كونز الأولى أن تتوارى أمام تركيبات بحث الفنان فيها عن حصيلة بين البوب آرت والمينيمالية، كما في سلسلة "الجديد"؛ قبل أن يتوجّه نحو صورية ثقافة الجماهير الحاملة للحلم الأميركي واستيهاماته، كما في سلسلة "ترف وانحطاط" (1986) التي تستنسخ الاستراتيجيات الدعائية للماركات الكبيرة، أو في سلسلة "تفاهة" (1988) التي تسلّط الضوء على الصورية الشعبية، مازجةً الأحلام الطفولية بالإيحاءات الإيروسية لصور مختلفة من تاريخ الفن. وفي تلك الفترة، حقق كونز بسخرية لافتة منتوجات صناعية "تمجّد" ذوق الطبقة الأميركية المتوسطة، مؤدّياً بذلك دور الناطق الهازئ باسمها.
أما سلسلة "صنع في الجنة" (1989 ـ 1991) فتبلبل، بانقلابيتها وفضائحيتها، الحدود بين الفنان وشخصياته من خلال عمليات إخراج إباحية تمنحه وتمنح موحياته مادةً لتمثيلات مختلفة ومعبّرة لرغبات الأميركيين. وفي هذه الأعمال، يعرّي كونز مجتمعه الذي يختلط فيه الحلم والوهم، المُثُل الجماعية والعنف، بطريقة جد ملتبسة.
ومع اختباره الأحجام الضخمة عبر "بابي" (1992) و"سبليت روكِر" (2000)، يتواجه الفنان مع الفضاء العام. وفي سلسلة "احتفال" (1994)، يذهب إلى أبعد حدود في الارتقاء بأشياء فظة إلى مصافي الأشكال الهندسية المُنجَزة والبرّاقة والمنتفخة. وفي الواقع، تعبر تقنية النفخ والتعظيم جميع أعماله، كما تشهد سلسلتَا "بوباي" (2003) و"هولك إلفيس" (2007) اللتان نفّذ قطعهما بمادة الفولاذ الذي لا يصدأ.
ومن سلسلة "سهْل المرَح" (1999 ـ 2003) إلى سلسلة "قطع أثرية" (2009 ـ 2014)، يستعين كونز بتقنية الكولّاج ليجمع، على سطحٍ واحد، عناصر متباينة يعمد إلى تجزئتها وتنضيدها. وأكثر من أي وقت مضى، ينقضّ على التصوّرات والتصرفات المقولبة الأميركية، كالإفراط في تناول مأكولات صناعية والأبطال الخارقين وشخصيات الشرائط المصوّرة الأخرى؛ عناصر يخلطها الفنان بمراجع شخصية تتراوح بين رسوم غرافيتية طفولية وصور لقطع فنية أثرية، كما في سلسلة "غايزينغ بولز" (2013) التي تتجاور فيها كرات زخرفية مرصودة لحدائق وقوالب جصّية لتحف من الفن الكلاسيكي.