في عام 2009، نشأت في أحد أزقة وسط البلد في عمّان، بسطةُ كتب. كانت تفرد محتوياتها على الرّصيف، ككثير من بسطات الكتب الموجودة هناك، تنتظر قارئاً يتعثّرُ بها، لعلّه ينتقي كتاباً أو اثنين بسعرٍ زهيد، ويمضي.
مع الوقت، تحوّلت هذه البسطة إلى مكتبة، اتّخذت من اسم الشارع الشهير في القاهرة اسماً لها؛ وأصبحت "أزبكيّة عمّان"، التي أعلنت اليوم موعد انطلاق معرضها الرمضاني، في التاسع من تمّوز/ يوليو الجاري، في "غاليري راس العين".
وما إن أطلقت صفحة المكتبة على الفيسبوك رابط الفعالية، حتى بدأت تتردّد عليها أسئلة القرّاء حول ما ستوفره في المعرض من كتب. فنجد سائلة تبحث عن الأعمال الكاملة للشاعر السوري رياض الصالح الحسين، وسائلاً يريد كتاب "في ظلال القرآن" لسيّد قطب، وآخر يبحث عن كتبٍ بالإنجليزية. وقد يفاجئنا أحدهم بسؤاله عن مؤلّفاتٍ لابن تيمية، التي جرى التحفظ عليها في الأردن قبل فترة قريبة من قبل دائرة المطبوعات والنشر.
في معرضها المقبل، سيكون هناك قرابة 5000 عنوان، أكثرها مستعملة، وفق ما بيّن مدير أزبكية عمّان ومؤسسها، حسين ياسين، في حديثه لـ "العربي الجديد". عن هذه الكتب، يقول ياسين: "رغم أنّنا نحاول توفير الكتب المهمّة والفكرية، إلا أن الكتب التجارية، للأسف، هي ما يلقى رواجاً أكثر بين القرّاء".
وحين سألناه عن السبب، قال: "أغلب روّاد أزبكية عمّان ومعارضها هم من الشباب، خصوصاً طلاب الجامعات الذين يشكّلون شريحةً واسعةً من المُشترين. تميل هذه الفئة عادةً إلى الكتب الأبسط، مثل كتب التنمية البشرية، كما تجذبها العناوين الرومانسية أكثر".
إلّا أنّه، من جهة أخرى، يجد أنّ هذا الأمر أفضل كثيراً من العزوف عن القراءة. فبرأيه أنّ الإنسان كلّما تقدّم في السن، يغيّر قراءاته لتغدو أكثر نضجاً.
تركّز الأزبكية على الكتب المستعملة أكثر من الجديدة. حول هذه الفكرة، يقول ياسين: "الكتب المستعملة غالباً أكثر ندرةً، ومحتوى بعضها بعيد عمّا تتداوله كتب الآن. كما أن الكتاب المستعمل تخدمه فكرة إعادة تداول الكتاب وتدويره من يد إلى يد وبسعر زهيد".
عُرفت الأزبكية بأنّها تقتني كثيراً من الكتب الممنوعة في الأردن، بالأخص لأسباب سياسية. عن هذه المسألة، يقول ياسين: "لا نعتدّ بما يصدر من قرارات بمنع كتب، نستطيع أن نحصل على ما هو ممنوع وتوفيره للمُشتري. حتى الكتب القديمة الممنوعة والتي لم تعد تتوفر منها نسخ مطبوعة، نحصل على ما نصل إليه منها، ونوفّرها أيضاً للقرّاء".