في معرضه "لحن عمّاني"، المُقام في "أورينت غاليري"، يقترح التشكيلي الأردني سعد الربضي، مجموعةً من اللوحات التي تصوّر مشاهد من العاصمة الأردنيّة. أعمالٌ يمزج فيها الفنان الشاب (1986)، بين التجريد والتصميم المعماري؛ مستلهماً دراسته الأكاديمية لهندسة العمارة.
تبدو عمّان، في معظم لوحات الربضي، على شيء من الشحوب والضبابية، ينتابها حنينٌ إلى شيء ما، وتسيطر عليها الألوان الداكنة. في حديثه إلى "العربي الجديد"، يوضّح: "عمّان مدينة عادية، ليست أفضل مكان للحياة ربّما، ومرافقها ليست الأنظف ولا الأكثر تقدّماً".
هكذا، يسعى الربضي إلى اقتراح تصوّره الخاص للمدينة: "أحاول القول إن الإنسان يستطيع أن يبحث ويجد الجمال في أماكن لا يتوقعها؛ مثل الأزقّة المُهمَلة وأسطح المباني".
تُسيطر الأضواء والمياه/الأمطار على أجواء لوحات المعرض، إذ نجد في معظمها انعكاساتٍ وظلالاً لأعمدة الكهرباء والسيارات ولأشخاص يديرون ظهورهم إلى الخلف ويسيرون حيث يبدو الأفق مُعتماً.
بالنسبة للربضي، فإن الماء/المطر "يمتلك قدرةً عالية على إبراز الحركة والانفعالات، فانعكاسات الظلال والأضواء معاً على الشارع، تظهر وكأنّها لوحةٌ داخل لوحة".
لا تبدو محتويات اللوحة مألوفةً لمن يعرف عمّان، إلى درجة أنّه قد يظنّ المشهد في مدينة أخرى. إلاّ أن المباني والشواخص تُشير بشكل أو بآخر إلى عمّان؛ إذ يشعر المشاهد أنه يعرف هذا المكان جيّداً، لكن ليس بالصورة التي تقترحها اللوحة.
عن ذلك، يقول الربضي: "معظم المشاهد والتكوينات، في ما عدا المباني، ليست واقعية. أفضّل أن أترك للمتلقّي القدرة على مُقاربة المكان الذي يؤوّله هو. قد يكون شارعاً مرّ به سابقاً، أو ربّما المكان الذي يعيش فيه، لكن مع شيء من التجريد، تبدو ملامح المدينة قد تغيّرت بالنسبة له".
من أعمال المعرض (أكريليك على قماش، 100 × 100 سم) |
يضيف: "لا جدوى من أن أكون مباشراً في نقل المدينة عبر اللوحة، سيبدو هذا مملّاً، خصوصاً أنّي أفضّل اختيار المباني العتيقة، التي قلّما ينتبه إليها كثير من الناس، إلى جانب العمّال والسكّان. أحاول أن أبتعد عن الصورة النمطية التي تختزلها بعض المشاهد المُكرّرة للمدينة".
خلفيّة الفنان المعمارية، تترك أثراً واضحاً على طبيعة لوحاته وبنائها، إلّا أنّه ينزع إلى شيء من التجريد، ما يبعد لوحاته عن المُباشرة: "الظلال والضباب والأضواء والناس، كلّها عوامل فنية مهمّة بالنسبة إليّ، أركّز عليها لأنّها من يصنع إيقاع المدينة، أو كما هو اسم المعرض، لحنها".