تُقيم كثير من الغاليريهات العربية معارض سنويّة تحت عنوان "مجموعة الصيف"، تحضر فيها أعمال لعدد من الفنانين العرب، يمثّل كلّ منهم اتجاهاً، إذ يبدو كل عمل وكأنّه نبذة مُختصرة عن رؤية كل فنان.
أحياناً، يقف الزائر أمام 20 عملاً على سبيل المثال، متسائلاً؛ ما الذي يجمع هذه اللوحات أو المنحوتات؟ أو ما الذي تحاول المعارض الفنية الجماعية أن تقوله؟ وعلى أي أسس تُنتقى الأعمال المعروضة؟
هذا ما يستوقفنا في معرض "مجموعة الصيف" الذي تنظّمه غاليري "آرت سبيس حمرا" في بيروت، ويضمّ أعمالاً لـ 17 فنّاناً وفنانة من عدّة دول عربية، يستمر حتى 29 آب/ أغسطس الجاري.
تسعة من المشاركين، عراقيّون. عند النظر إلى أعمال معظمهم، سنجد أنّ الحرب وما ترتّب عليها في بلدهم، هي أكثر ما يحضر في لوحاتهم، مثل لوحة ليلى كبّة "ربيع 2003"، التي نقف فيها على امرأةٍ تتّشح بالسّواد، تُمسك بين ذراعيها رجلاً يبدو أنّه قتيل. لكنّ رشق اللوحة بمسدّسات ملوّنة بالعلم الأميركي، أخذته من كلاسيكيته، وذهبت به إلى "البوب آرت"؛ مصوّرة مأساة الاحتلال وفظاعتها.
لم يختلف الأمر كثيراً في لوحة سروان باران، التي تركها من دون عنوان، مُكتفياً بالأطفال فيها؛ أطفالٌ ينامون على أنفسهم، ويضمّون أجسادهم إليهم، متروكين في العراء.
ليلى كبّة، "ربيع 2003"، مواد مختلطة على قماش، 118 × 115 سم، 2015 |
من سورية، ثمّة ثلاثة مشاركين. في لوحته "صخرة الروشة بيروت"، يترك سعد يكن الناس متكدّسين فوق بعضهم، ويتساقطون عن الصخرة. عملٌ تظهر فيه المدينة مُختزلةً في أحد معالمها؛ وكأنّ بيروت هي تلك الصخرة الشاهقة التي تدفعُ أبناءها عن ظهرها إلى المجهول.
من سورية أيضاً، يشارك الفنان الشاب عقيل بعملٍ حروفيّ عنوانه "شعر صوفي". من اسم عمله، يستلهم عقيل نصوص لوحاته من التراث العربي، لكنه لا يقدّمها بالصورة التقليدية للأعمال الحروفية، إذ ينزع إلى التجريد ولا يُلزم نفسه بقواعد الخط الذي يُنجز فيه لوحته.
أما في منحوتة عيسى الديب، "رأس الأميرة"، فنقف أمام عملٍ تجريديّ، لا يُنبئ بالكثير، بقدر ما هو محاولة تطويعٍ للبرونز، ليمنح من خلاله الفراغ شكلاً جديداً.
الفنانون الخمسة المتبقّون من لبنان، وهم: آني كوركجيان وبسّام كيرلس ومحمود أمهز ومارون الحكيم ومنى جبّور. تتنوّع أعمالهم في توجّهاتها ورسائلها. فلدى كوركجيان مثلاً، نجد أسلوباً تهكّمياً، يسخر من العنف الإنساني عموماً وينال من العقلية الذكورية.
أمّا في أعمال أمهز، المولود عام 1935، نجد لوحات تتمتّع بحسّ كلاسيكيّ؛ تستدعي الوجه، لكنها تقترح له ملامح تجريدية جديدة.
هكذا، نجد أنفسنا في معرضٍ لفنانين من ثلاثة بلدان، كل منهم يقدّم رؤياه الشخصية، ممزوجةً بالرؤية التي تمثّلها الحركة الفنية في بلده. أعمال تتفاوت في موضوعاتها، لكن في مجملها، لم تتخلّ عن الهمّ العام، وظلّت مهجوسةً باقتراح معالجاتٍ جديدة، لقضايا سياسية واجتماعية حاضرة في راهننا العربي.
سعد يكن، "صخرة الروشة بيروت"، زيت على قماش، 220 × 118 سم، 2015 |