أثار الإعلان عن ترحيل الكاتب والصحافي المصري أحمد ناجي إلى السجن، اليوم، بعد الحكم عليه سنتين بتهمة خدش الحياء العام موجة من الغضب التي عبر عنها الكتاب والمثقفون على حساباتهم في فيسبوك.
وكان ناجي قد حكم سابقاً بالبراءة لكن النيابة استأنفت القرار، وصدر الحكم في الاستئناف اليوم.
القضية بدأت حين قام مواطن بتقديم شكوى رسمية العام الماضي بعد مرور عام تقريباً على نشر فصل من روايته استخدام الحياة في جريدة "أخبار الأدب" في آب/ أغسطس 2014، يزعم فيها أن هذا الفصل تسبّب "في خدش حيائه" وفقاً للتقارير التي ظهرت خلال الفترة الماضية.
المثقفون اعتبروا الحكم طعنة من النظام القضائي والنيابة في صميم حرية التعبير والإبداع في مصر، وأجمعوا على أن الدولة تتغاضى عن الاختفاء والقتل بينما تحاكم كاتب على حرية التعبير.
الشاعرة المصرية إيمان مرسال كتبت على صفحتها: "إن السلطة التي تخطف الناس وتعذبهم، وتبرّر قتل طالب غريب ورمي جثته على الطريق، وتحمي أمناء الشرطة بعد اعتدائهم على الأطباء، وتبرّر الفقر ومآسي التعليم وحوادث السيّارات...إلخ إلخ إلخ، من الممكن أن تسجن كاتب من أجل رواية. ما الغريب في ذلك؟".
أما الصحافي والمترجم المصري محمود حسني يرى أن "الألتراس والأطباء نزلوا بالفعل إلى الشارع وأسقطوا قانون التظاهر بشكل عملي، هل سنظل كأدباء وكتاب منصاعين لما يحدث دون تحرّك... الكتابة كمتنفس أخير أصبحت هي الأخرى طريقاً إلى السجن فماذا يتبقى بعد ذلك".
الروائية عزة رشا هي الأخرى تساءلت "هل فقط بعض الكلمات في رواية هي التي ستخدش الحياء العام بينما الظلم والقمع المتأصلين في وطننا شيء عادي. هل القتل والهتك والسحل والفقر والجوع والتسول المستشري في كل مكان حولنا لا يخدش الحياء ؟".
بينما علّق الشاعر والصحافي المصري محمد خير على الخبر بـ " دولة الفشل والبلطجة مصممة تجمع العار من جميع أطرافه". الروائي إيهاب عبد الحميد قال "دولة كل يوم بتفشخ دستورها عادي جداً.. تقريباً محدش جوه مصر ولا بره مصر بقى مصدق إن عندنا دستور".
أما الشاعر المصري صلاح الراوي فعلّق "الدولة التي لا تريد مفكرين لا تكون دولة بالمعنى الحضاري لمفهوم الدولة، لكنها فقط كيان مشوّه وهذه الكيانات الشائهة نفسها تتباهى بأسماء المفكرين التي حاربت وجودهم وطاردتهم وربما قتلتهم مادياً أو معنوياً. المفكرون خطر على أى كيان مستبد أو فاسد أو غبى وبين هذه الصفات صلات عميقة ومتينة".
فيما دعا الكاتبان سامح قاسم وأحمد صوان والناشر زياد إبراهيم الكتاب والفنانين إلى التجمع أمام دار القضاء العالي في الأول من آذار/مارس وحرق أعمالهم أمام مقر دار القضاء العالي، كخطوة رمزية للاحتجاج على الحكم.
وقال قاسم صاحب الفكرة "نحن في بلد لا يقرأ، وفي الوقت نفسه فإن الدولة التي تشهد عمليات قتل يومية في الشوارع لمواطنين عاديين، وحالات اختفاء قسري، يتم فيها الحكم بالحبس على الكتاب ومنع كتبهم ومصادرتها في الكثير من الأحيان، بينما يتم تجاهل العديد من القضايا الحيوية التي تمس المواطن".
من جهته، قال صوان "كثيرون يعترض على ناجي وأسلوبه، لكن الأمر يتعلق بالفكرة والخيال، حيث نصّب البعض أنفسهم حماة لما يدّعون أنه الفضيلة بينما حياتهم الخاصة مليئة بما يبدو أمامه وصف ناجي أو غيره ضئيلاً، لا أحد يعترض على أفكار الآخرين إلا لو كان يريد غرس فكرة أخرى بعيدة عن الحرية".
الناشر زياد إبراهيم اعتبر أن "الحكم على أحمد ناجي بسبب كتاباته هو العبث ذاته، لأن محاكمة الخيال شيء واهي جداً، فلا يمكن أن تكون دولة بحجم مصر تتصدر المراكز الأولى في البحث على جوجل عن مواقع إباحية يُخدش حياءها بسبب رواية، من باب أولى أن تتفرغ الدولة لمحاسبة ومحاكمة أمناء الشرطة الذين يقتلون أبناء البلد يوماً بعد الآخر، ويتحرشون بالنساء، ويتقاضون الرشوة في الشوارع، واصفاً حبس المفكرين بالعار".
المفارقة أن الرواية صدرت بعد الضجيج الذي أحدثته القضية عن دار "التنوير"، فهل لو قدّم أي قارئ آخر يشعر بأنها خدشت حياءه شكوى أخرى في حق ناجي، وربما في حق الدار هذه المرة.. وأين تنتهي حدود القارئ وأين تبدأ حرية الكاتب؟
اقرأ أيضاً: كتاب جليلة القاضي.. تحت رحمة العُصاب الأمني