صدر العدد الجديد من مجلة "القافلة" الثقافية التي تصدر في المملكة العربية السعودية وتُوزَّع خارجها منذ العام 1953. وقبل الدخول في تفاصيل العدد، لا بد من الإشارة إلى أنها إحدى المجلات الثقافية القليلة التي استطاعت الاستمرار منذ أيام العقّاد، الذي كتب فيها، حتى أيامنا هذه، فقد أثبتت المجلات العربية عموماً عن جدارة أنها عاجزة عن المواصلة، وأنها حالات تنتهي بتفرّق أصحابها أو رحيلهم.
يضمّ العدد مواضيع مختلفة في التاريخ والثقافة الشعبية وتاريخ الفن، إضافة إلى مواضيع سينمائية ونصوص شعرية ومواضيع عن الكتابة النسوية والكتابة عن المرأة في الأدب العربي وتحقيق عن معارض الكتب العربية.
في موضوع موسّع شارك فيه مثقّفون وكتّاب عرب بعنوان "معارض الكتب العربية ومتاعبها"، تطرقت المجلّة إلى مكامن مشكلة النشر العربي، وعلاقة التطوّر التقني والرقمي وتغيّر عادات التلقّي بانتشار معارض الكتب ونجاحها. وعزت معظم الآراء مشكلة الكتاب العربي إلى صعوبة التسويق، والاعتماد على معارض الكتب بشكل أساسي بدلاً من وجود شركات مختصّة في توزيع الكتاب وتسويقه، كما هو الحال في دول أوروبا مثلاً.
في قسم آخر من "القافلة"، التي كتب فيها من قبل، إضافةً إلى العقّاد، كلّ من محمود تيمور، ومحمد حسنين هيكل، وحمد الجاسر ومارون عبّود، وسعيد عقل، وغيرهم، نجد موضوعاً موسعاً عن "الأدب الشعبي عند الأكراد"، يتناول خصوصيات الأغنية الكردية وأنواع المغنّين، وطرق الأحاجي والألغاز والأمثال الشعبية، والمرويات والحكايات التراثية المتناقَلة شفوياً، وطرق سردها.
في باب السينما، تعرض المجلّة لفيلم وثائقي هولندي أُنتج في العشرينيات، موثّقاً لرحلة الحج عبر البحر من أندونيسيا إلى مكة. الفيلم الإشكالي، الذي تنكّر مخرجه كمسلم ليتمكّن من تصويره رفضته ملكة هولندا لهذا السبب في ذلك الوقت احتراماً للمسلمين، وتبيّن في ما بعد أن الفيلم كان مدعوماً من قبل شركة الملاحة التي تحمل الحجّاج، فهو بذلك لم يكن وثائقياً بقدر ما كان دعائياً. العرض مهمّ لأنه يتطرّق إلى أول فيلم "توثيقي" إن جاز وصفه، لرحلة بحرية في العشرينيات من القرن الماضي، إذ يضم صوراً ومعلومات بصرية نادرة.
المجلّة مليئة بالمواضيع التي تستحق التوقّف عندها؛ مثل "الإيموجي والتواصل بواسطة الرموز"، و"بيكاسو وبرشلونة"، و"الهندسة الاجتماعية.. فن اختراق العقول"، و"الابتكار في الصحافة" وغيرها.
اقرأ أيضاً: "أسطور" 3: إشكاليات كتابة التاريخ الإسلامي