لطالما نُسبت قصيدة "لأصلّي له"، التي غنّاها مارسيل خليفة عام 1990، لـ محمود درويش، وقليلون يعرفون أنّها، في الحقيقة، للشاعر اللبناني محمد العبد الله (1946 - 2016)، الذي رحل اليوم عن 70 عاماً في بيروت.
قبل شهرين فقط، وقّع العبدالله آخر ما صدر له، "أعمال الكتابة" (الفارابي، 2015). عملٌ ضمّ مجموعةً من القصائد المكتوبة باللهجتين؛ المحكية والفصحى، كثيرٌ منها عُرف من خلال فنّانين غنّوها، مثل "هذا الرأس" (غناء أميمة الخليل وألحان هاني سبليني)، و"مسافة" (ألحان وغناء أحمد قعبور).
وُلد صاحب "رسائل الوحشة" في بلدة الخيام في الجنوب اللبناني. درس الفلسفة في الجامعة العربية في بيروت، وتخرّج منها عام 1973، ثم تابع في دراسات الأدب العربي. هكذا، وجد ابن الريف نفسه في مدينةٍ تمزّقها الحرب؛ ما ساهم في التأثير على تجربته الشعرية التي ظلّت تستلهم القريةَ وتفاصيلها الحميمة، ومن جهةٍ أخرى تتصدّى للمدينة المُشتعلة:
"الدم الزراعي مات/ رأيت دماً بفصلين/ فصل يتراجع الى الحكاية/ وفصل يصير إلى ما لا نهاية"، يقول في قصيدته "الدم الزراعي مات".
يبدو أن انتقال صاحب "بلا هوادة" من الريف إلى المدينة، قد ساهم أيضاً في طبيعة البُنى الشعرية التي اشتغل عليها، فكتب بالعامية، والفصحى، وقصيدة النثر، وتلك الموزونة، كما كان ذلك الشاب الريفي مفعماً بالسخرية التي راح يُعملها تهكّماً على كلّ شيء. يقول في "إلى آخره":
"عم تغمّس برّا الصحن/ وتطحن حكي ونازل طحن/ بعد شوي جاي الشحن/ يشحن حكيك عالنورماندي/ صار لازم تسكت يا بعدي".
أغانٍ كثيرة كتبها العبدالله، ولاقت استحساناً لدى الجمهور الذي لم ينتبه معظمه إلى صاحب تلك الأغنيات التي صمت صاحبها اليوم، بقلبٍ لا يزال عاتباً، ومتهكّماً: "بعد اللي كان/ كل اللي كان/ أنا مش قبلان/ مدري كيف حاسس إني زعلان... أنا مدري مش/ أنا مدري شو/ ما حدا عاجبني/ زهقان وتعبان".
اقرأ أيضاً: جوزف حرب في مخيّلة فيلمون وهبي