مَحْو تاريخ بلاد الرافدين يعود إلى زمن أقدم، إذ تقرّر في أواخر السبعينيات من القرن الماضي تحويل أحد البيوت التراثية البصرية إلى متحف صغير، لكن في عام 1991 تعرّضت جميع موجوداته إلى النهب والسلب، إثر المواجهات التي شهدتها المدينة حينها، وفُقدت العشرات من الجرار الفخارية والأواني المعدنية والتماثيل الصغيرة.
بعد الاحتلال الأمريكي لبغداد، عادت الفكرة من جديد، وتم تخصيص "قصر البحيرة"، الذي يعود بناؤه إلى عام 1992، لإنشاء متحفٍ جديدٍ يتألف من طابقين، وتطلّ منه على محيطه الخارجي شرفات خشبية تحاكي في تصميمها الشناشيل البصرية التراثية، كما تزيّن السقوف يدوياً بنقوش إسلامية، ومنذ ذلك الحين ظلت القطعة (اللافتة) الموجودة عند مدخل القصر وحدها تفيد بأن المكان سيتحوّل إلى متحف حضاري.
وليست مصادفة بأن لا تبدأ عمليات التأهيل إلا بمساعدة "خارجية"، حيث قامت "جمعية أصدقاء المتحف البريطاني"، ومقرها لندن، بجمع تبرعات لتمويلها، وإدارته لاحقاً، بحسب الاتفاقيات الموقعة مع الجانب العراقي، ولا تزال أعمال الصيانة جارية، إذ أعلن مدير المتحف لوسائل الإعلام، منذ أيام، عن موعد افتتاحه جزئياً بعد شهور.
يجري حالياً رفد المتحف بقطع أثرية من مخازن "المتحف الوطني" في بغداد، إضافة إلى قطع أخرى تم استخراجها من مواقع في واسط والكوفة، لأن المناطق الأثرية في البصرة لم تشهد أعمال تنقيب إلى اليوم، وفق الإعلان المذكور.
يضم المتحف قاعة واحدة كبيرة لعرض القطع الأثرية، وهي القاعة البصرية، إضافة إلى قاعة تعليمية لاستقبال الرحلات المدرسية، وسوف يتم انشاء مستشفى لصيانة المخطوطات بتمويل من الحكومة الفرنسية بواسطة اليونسكو.
يذكر أن قصر البحيرة في البصرة، التي يعود تاريخه إلى 5000 سنة، استوردت حجارته من المغرب لبناء بعض أجزاء القصر، على يد نحاتي خشب مغاربة، وهو بشكله العام يشبه "كازينو لاس فيغاس"، وتعد عمارته جزءاً من أشكال العمارة البابلية القديمة. وأن المتحف المقام مكانه يضم قاعات كبيرة بينها فضاءات واسعة، ومعرضاً ومقهى ومكتبة تاريخية، وعشرين خزانة صنعت في ألمانيا لعرض المقتنيات.