حضرت لامبيدوزا أيضاً كمادة في السنوات الأخيرة لكثير من الأعمال الفنية، معظمها كانت من الجزء الجنوبي من المتوسط، خصوصاً في تونس حيث جرى تناول ظاهرة "الحرقة" من زوايا اجتماعية ونفسية، غير أن هذا الأثر الفني لـ لامبيدوزا بدأ يظهر أيضاً في إيطاليا، كما هو الحال مع فيلم "فيوكوأماري" الذي يقام له اليوم عرض خاص في قاعة "الفن الرابع" في تونس العاصمة ينظّمه كل من "نادي سينما تونس" و"المعهد الثقافي الإيطالي".
الفيلم الذي أخرجه جيانفرانكو روزي لفت الانتباه إليه في "مهرجان برلين السينمائي" الماضي، حيث أحرز جائزة الدب الذهبي للأفلام الوثائقية، وهو يقف على مفارقة مفادها أن جزيرة لامبيدوزا تمثل معبراً للهجرة السرية منذ عشرين عاماً، لذا فإن حالة الفزع التي عمّت أوروبا في 2011 لم يكن لها ما يبررّها بحسب طرح المخرج الإيطالي.
في أحد الحوارات الصحافية، اعتبر روزي بأنه استفاد من كونه بدأ يشتغل على تصوير الحياة في الجزيرة قبل أحداث 2011، وهو ما قدّم مصداقية أكبر لطرحه، فمن خلال مقارنة واقع لامبيدوزا قبل 2011 وبعدها لم يكن هناك فروقات كبيرة كتلك التي برزت في نشرات الأخبار.
يبدو العمل وأنه يتحاشى الحديث مباشرة عن أزمة المهاجرين، حيث يعطي الكلمة في الأساس إلى ساكني الجزيرة، وخصوصاً أطفالها إمعاناً في البحث عن صورة صادقة للمكان الذي لا يشبه كثيراً الصورة المأساوية التي رسمها الشمال، ولا تلك النظرة الحالمة عنها التي يأتي بها الجنوبيين من بلادهم. نظرتان يظهر العمل بكثير من الفنية بأنهما دمّرتا حقيقة لامبيدوزا.