كان يُمكن أن يمرّ حديث الرئيس من دون أن يُحدث ضجة في الوسط الثقافي لم تهدأ منذ حوالي أسبوعين، لو أنه لم يقرن الشعر والأدب بدراسة مجالٍ بعينه، خصوصاً أنه قد وجّه في عام 2012 انتقادات مماثلة حين اعتبر أن كثرة الاهتمام بالشعر دليل على تخلّف موريتانيا.
"#ثورة_الشعراء"، وسم لـ"معلّقات الغضب" التي أطلقت في بلاد المليون شاعر، كما اصطلح العرب على تسميتهم لصحراء شنقيط قبل أكثر من ألف عام، في حملة تصدّرها عدد من الشعراء الذين يزيدون على قصيدة مطوّلة عُدّت من أقسى الردود على ولد عبد العزيز منذ توليه السلطة عبر انقلاب عسكري عام 2009.
من بين الشعراء الذين دوّنوا قصائدهم الغاضبة؛ محمد ولد أدومو، وأدي آدب، وإبراهيم محمد أحمد، وعثمان محمد ببانه، والمختار أحمد فال، ومحمد الأمين محمد المصطفى، والذي دوّن فيها: في حَلقَةِ الحُمْقِ حيث السخْفُ والفَرقُ/ علا المَنابِرَ فدْمٌ أخرَقٌ نزِقٌ/ وقال يا قوم قد شيدت مملكتي/ على قواعد فاتت كل من سَبقُوا/ أقرب الناس إن ضلوا وإن كذبوا/ وإن تردوا وإن خانوا وإن سَرقُوا/ وأصلَت السيف إن ثاروا وإن رفضوا/ وإن تداعوا إلى العليا وإن صدقُوا/ إني كلّفت بِهَذَا المَالِ أنْهَبُه/ فالمجد عندي جمعُ المالِ وَالحَنَقُ.
لم تتوقّف "الثورة" عند هذا الحد، حيث نوّه البعض إلى أن ولد عبد العزيز لا يحتمل اتساع أفق الشعر كغيره من العسكر الانقلابيين، وأن تزايد القمع أكبر مؤشّر على ذلك، وعاد آخرون للتذكير بما حصل حين حضر الرئيس مباراة "كأس السوبر لكرة القدم" عام 2015، وأُوقفت حينها عند الدقيقة 65 قبل نهايتها بـ 25 دقيقية بسبب انشغالاته، وهي سابقة لم تحدث مثيلتها في العالم كلّه.
من جهتها، انحازت المؤسسة الثقافية الرسمية إلى مقام الرئاسة، حيث أكدّت "رابطة الكتّاب الموريتانيين" في بيان لها أن كلّ شاعر كتب بيتاً في "معلّقات الغضب" لا يمثّلها.