المعرض الذي افتتح في الثالث عشر من الشهر الجاري ويتواصل حتى الرابع من الشهر المقبل، استند إلى بحث قام به الفنانان حول ورق اللعب (البوكر) التي انتقلت من بلاد فارس إلى أوروبا عبر مصر، حيث منعت الكنيسة الغربية لعبها، فأصبحت لعبة العسكر والفقراء في الخفاء.
تلفت الدغيدي إلى أن الحال بقيت على ما هي عليها حتى القرن السادس عشر، حين سُمح لعب البوكر في فرنسا مقابل رسوم عليها تدفع للملك، ويُختم على بطاقة "الآس البستوني" عبارة "خالص الرسم"؛ أي مدفوع، وبذلك باتت تُطبع أوراقها بشكل قانوني، لكن هذه الورقة ارتبطت لاحقاً بالموت أو الحظ السيئ تبعاً إلى أكثر من رواية.
ينقسم المعرض إلى مسارين؛ الدغيدي اختارت أن تتناول العلاقة بين ورق اللعب والنساء كونهن يولدن من غير حظ، بينما ذهب الفادني إلى اختبار المسألة على ذوي البشرة السوداء، بعد قاما ببحث معمّق حول ارتباط ورق اللعب بالتاريخ السياسي في أوروبا الاستعمارية، فختم الجمرك الذي كان يطبع على بطاقة "الآس البستوني" مثّلت نقطة انطلاقهما عبر استبدال نقشه بصدر المرأة وسيوف الجنود "العبيد".
تتبّعت الفنانة الحاصلة على بكالوريوس تصميمات مطبوعة من "جامعة حلوان"، بدايات ظهور الصور الإيروتيكية على ورق اللعب في عشرينيات القرن الماضي، لتقدم أعمالاً استخدمت فيها تقنية المونوبرنت Monoprint حيث تصوّر نساءً ببشرة بيضاء يبدو على ملامح وجوهنّ التحدي، وهن يلعبن بالأختام من غير اكتراث، في إشارة إلى سيطرتهن وتحكمّن بأجسادهن وعلاقتهن مع المحيط في إشارة إلى تحرّرهن من السلطة الذكورية.
من جهته يعود الفادني إلى تاريخ العبودية من خلال قصة جلب الجنود السودانيين عبر البحر ليرسلهم نابليون إلى قتال الشعب المكسيكي تمهيداً لاحتلالها من قبل الفرنسيين الذين استعانوا بهم لقدرتهم على تحمّل الطقس الحار في المكسيك، ومن هنا ظهروا في اللوحات بألوان مبهجة خلافاً لما ارتدوه آنذاك.
كما استخدم الأقنعة التي كان يرتديها العبيد للتحكم بحركتهم وضبط أوقات طعامهم حيث تشبك في رقابهم لمنعهم من الجلوس والنوم، وقدّم الجنود السودانيين بلباس عسكري يتبع أكثر من جيش في العالم كنوع من انتقاد هذا الشكل من العبودية.
"الآس البستوني" يهدف إلى قلب السلطة التي تسيطر علينا وتتحكّم بنا وتقولبنا كما تشاء وتفترض الحظ السيئ لكلّ من تقمعه، حين يمتلك الإنسان إرادة التغيير والإنسانية في التعامل مع محيطه.