يرافق المعرض كتيّب أشرفت على إعداده كل من: غي سكلثورب الأمينة العامة للمتحف البريطاني، وجين ستيوارت كبيرة أمناء متحف ومعرض تسمانيا الفني في أستراليا، وهيمش ماكسويل ستيوارت أستاذ التاريخ الاجتماعي في جامعة تسمانيا.
تفسّر نوعية اللوحات المعروضة التي تظهر لأول مرة، وسيرة حياة الرسام في ما كان يطلق عليها اسم "مستعمرة العقوبات"، هذا الاهتمام الواسع بمعرضه. اللوحات هي الأولى من نوعها التي تلقي ضوءاً على وجوه شخصيات من سكان أستراليا القدماء قبل غزو الإنكليز لبلادهم واستعمارها ومطاردتهم بالقتل والتشريد، وتحويلها إلى منفى للمجرمين وغير المرغوب فيهم في بريطانيا.
سلسلة هذه اللوحات هي الأكثر لفتاً للنظر؛ مقاتل ذو جدائل ووجه شجاع يحمل جسده علامات انتمائه إلى قبيلته، وزعيم عجوز مشغول بعمق بالحديث مع الرجل الغريب الجالس أمامه على مسند، وشابة تلفّ كتفيها القويين بمعطف من الفرو.
وتظهر لوحة جميلة لزوجين، هما "تراكاني" وزوجها "موراتي" يقظة وحيوية هذا الأخير واعتزازه بنفسه، ولمحة ابتئاس أيضاً، لأن هذين الزوجين تم نفيهما مع جماعة من السكان الأصليين المتناقصين إلى جزيرة فلاندرز.
حين وصل هذا الفنان إلى المستعمرة "هوبارت" لم يكن مرّ زمن طويل على إنشائها في هذا العالم الجديد، وكانت للتو بنيت فيها الكنائس والمحاكم والمدارس ومجتمع إنكليزي صغير. في البداية تمّ استثمار موهبته في إعداد قوالب طباعة الأوراق النقدية للمصرف الجديد هناك، ثم كلّفته سلطات المستعمرة بإنتاج رسوم وثائقية تضمّنت رسم جثث أطفال لم يعيشوا إلا لبضعة أشهر بعد ولادتهم، ورسم وجوه محكوم عليهم بالإعدام.
أشهر هؤلاء كان ألكساندر بيرسي السجين الهارب من سجنه عدّة مرات، والمتّهم بأنه أصبح من آكلي اللحوم البشرية ليتمكن من البقاء في الصحراء. وأظهر الفنان في هذه الرسوم الوثائقية حسّاً فنياً عالياً، جعله مطلوباً لرسم صور شخصية للمدنيين أيضاً. وارتاد أيضاً عالم التصوير الفوتوغرافي على ألواح فضية لأول مرة في أستراليا. وتشهد لوحاته على إحساس بالتعاطف عبّر عنه مع زملائه المحكوم عليهم وهم يُزجون في هذه البلاد النائية. ويظهر تعاطفه على أشده مع السكان الأصليين في لوحات صورهم الشخصية وهو يرفعها إلى مستوى اللوحات التذكارية لشعب يحتضر حتى وهو يرسم أفراده ويلوّنهم.
يوصف هذا الفنان الآن بأنه إنكليزي/ أسترالي، ولكن ناقدة صحيفة الغارديان لورا كومنغ تعترض على هذه التسمية، وتقول إن أفضل أعماله تنتمي إلى أستراليا، وهي الأحقّ به من إنكلترا. أعماله هذه لا ترفع الستار عنه كفنان لم يعرف كثيراً فقط، بل تمثّل استبصاراً بالغ القوة بالتاريخ المأساوي لسكان "تسمانيا" بخاصة، وأستراليا بشكل عام.