تحت عنوان "شكل الضوء" ينظم "متحف تيت الحديث" عدة معارض تعود الأعمال التي تعرض فيها إلى بدايات القرن العشرين وصولاً إلى اليوم.
من هذه المعارض ذلك المعنون "مئة عام من الفوتوغرافيا والفن التجريدي" الذي يتواصل حتى 14 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، مع مجموعات أخرى في معارض مستقلة من بينها "بيكاسو: الحب والشهرة والتراجيديا"، و"مودلياني".
يسعى المعرض إلى رصد الاشتباك بين التصوير الفوتوغرافي كفن وبين المدرسة التجريدية، من خلال أعمال يعود بعضها في تاريخه إلى عام 1910، حيث يرى القيّمون أن ولادة الفن التجريدي وابتكار التصوير الفوتوغرافي كانتا لحظتين حاسمتين في تاريخ الثقافة البصرية الحديثة، غير أن قصة كل منهما تروى عادة منفصلة عن الأخرى، في حين يمكن أن نرى العلاقة الكبيرة بين الفنين.
من هنا، يحاول المعرض أن يعيد إلى الضوء أعمالاً لمصورين وفنانين ساهموا في تطور العالمين الصوري والتشكيلي وتداخلهما في لحظة معينة صاغت تغيراً كبيراً في فن القرن العشرين وصولاً إلى اليوم.
ورغم أن المعرض يشارك فيه فنانون من أميركا واليابان وبلدان مختلفة من أوروبا الغربية والشرقية، لكن الرصد الذي يحاول تقديمه لتاريخ هذين الفنين يبدو منقوصاً بشكل كبير، إذ يتجاهل التجارب العربية والأفريقية والتركية والإيرانية والهندية والصينية والجنوب أميركية، أو ربما لا يكلف قيموها عناء البحث عن تاريخ هذين الفنين وتطورهما عند الشعوب الأخرى، فتاريخ الفن في القرن العشرين لا يقتصر على أوروبا وأميركا.
من الفنانين الذين يعود إليهم "تيت" الفنان الأميركي مان راي (1890-1976) الذي عاش معظم سنوات إنتاجه الفني في فرنسا، ويعتبر أحد أبرز المؤثرين في الحركتين الدادائية والسريالية، رغم أنه لم يرتبط بأي حركة منهما، وقد ابتكر أسلوبه من الـ"فوتوغرام" الذي كان يسميه "رايوغراف" نسبة إلى اسمه.
يعرض "تيت" أيضاً بعض أعمال المصور الأميركي الطلائعي ألفريد ستيغليتز (1864-1946) المعروف بتحول كبير في فنه الفوتوغرافي بعد زواجه من الرسامة جورجيا أوكيفي التي خصص لصورها عدة معارض وضعت عمله في عداد الفن وليس التصوير الفوتوغرافي المجرد، بعد ذلك اشتهر بسلاسل فوتوغرافية من بينها "متتالية من عشر صورة لغيمة واحدة".
يحضر أيضاً المصور والفنان الفرنسي غي بوردن (1928-1991)، وهو مصور الصدمة كما كان يلقبه النقاد، حيث أن الصدمة هي أول تأثير يقع تحت المتفرج حين يرى أعماله الحسية والمستفزة، إلى جانب اهتمامه بتصوير العنف الذي يتعرض له الجسد الإنساني. هذا الجانب من عمل بوردن كان بعيداً عن عمله الصحافي في التصوير، وهو الذي يسلط "تيت" الضوء عليه.
وإلى جانب الفنانين الطلائعيين، يعرض "تيت" أعمالاً لفنانين معاصرين من بينهم الأميركية باربرا كاستين (1936) وهي مصورة تجريدية بامتياز تبدو صورها كما لو كانت أعمالاً تشكيلية تنتمي إلى هذه المدرسة، مع ميل كبير إلى المفاهيمية في الفن.
كما نجد أعمالاً للمصور الألماني توماس راف (1958) الملقب بـ"أستاذ إعادة تخيل الصور" والمهتم المباني التي ظهرت في ألمانيا قبل وبعد سقوط جدار برلين والتغيرات التي وقعت عليها. وبعد أن كانت بدايته مع تصوير وجوه الأشخاص انصرف راف إلى العمارة بعد مجموعته الشهيرة "هوزر" التي وضعت اسمه على قائمة أبرز مصوري العمارة في عصرنا.
من أعمال المعرض مجموعة صنعها فنانوها للمعرض خصيصاً، من بينهم مصور العمارة المستقبلية البريطاني أنتوني كيرنز، والتشكيلية السويسرية مايا روشا، والفوتوغرافية اليابانية ديسوك يوكوتا.