رحل فجر اليوم الاثنين، الكاتب والروائي العراقي سعد محمد رحيم في مستشفى السليمانية إثر أزمة قلبية.
لرحيم (1957-2018)، عدّة أعمال روائية كان آخرها "مقتل بائع الكتب" (سطور) التي كانت مرشحة لـ "بوكر الرواية العربية" العام الماضي، والتي تقوم على البحث عن سيرة بائع كتب قتل في مدينة بعقوبة، ومن خلال حياته يعود الروائي إلى تاريخ الكتب في العراق ومنها ينفذ إلى الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي للبلاد.
يقول الناقد حميد مختار عن تقنية السرد "لعب الروائي سعد محمد رحيم في روايته "مقتل بائع الكتب" على أكثر من مدوّنة حيث استحضر المذكرات والرسائل والتأملات والمواضيع الأخرى التي لها مساس مباشر بحياة بطل الرواية، هذه الشخصية المركبة، التي تعود بالخطأ إلى العراق وتتوالى سلسلة الأخطاء في حياته، حتى موته لم يكن هو المقصود في عملية الاغتيال إنما شخص آخر".
يضيف "الرواية تحمل في طياتها ملمحاً تأسيسياً يدخل تحت مسمّى رواية ما بعد الدكتاتورية. هذا المصطلح الذي بات متداولاً في الأوساط الثقافية والسردية لما له من أهمية واضحة في إضافة خطوة جديدة وواثقة وقادرة على فعل التأسيس والتجاوز".
ويرى مختار أن "رحيم واحد من الروائيين العراقيين الذين حققوا عبر أكثر من خطوة روائية شكلاً لتجربة ناضجة ومقدرة سردية مهمة أضافت للسردية العراقية بعداً جمالياً واضحاً".
لرحيم كتاب آخر هو "المثقف الذي يدسّ أنفه" (سطور)، وهو مجموعة من المقالات الثقافية المتخصّصة، مصنّفة في عدّة أقسام: "الأنسنية في أفق ثقافتنا"، و"وعود التنوير وصراعات الهوية: مفارقة العقلانية المنتجة للعنف"، و"المثقف الذي يدّس أنفه" و"تمثلات الحداثة".
عن الكتاب يقول الناقد عبد الجبار العتابي إن رحيم حاول فيه "الإجابة عن السؤال: لماذا تعثر الفكر الأنسني في الفضاء الثقافي العربي، ودور الدولة في ذلك... وفكرة الحرية وغموضها".
يعرّف رحيم في كتابه هذا المثقف بأنه "من نتحدث عنه هو المثقف التنويري، يساري الهوى، ذو الفكر الأنسني الذي يتعاطى من قبيل العقلانية والحرية والذات الإنسانية والعدالة الاجتماعية والسلام والتسامح والتقدّم.. يسعى لفك السحر عن العالم بتعبير ماكس فيبر، ونزع هالة القداسة عن ثقافة أي مجتمع، وتفكيكها، وإرجاعها إلى عناصرها الأولية، وتأشير العوامل التاريخية ـ الدنيوية التي أنتجتها.. فيما فاعليته تتجلى عبر وعيه لمكانته في الخارطة الاجتماعية ودوره فيها، حيث اختصاصه الحقل المعني بالمعرفة والجمال، والمتلوِّن بالسياسة في راهننا، على الرغم منه".
للراحل أيضاً عدّة كتب أخرى منها روايات؛ "غسق الكراكي" (2000)، و"ترنيمة امرأة، شفق البحر"، و"ظلال جسد، ضفاف الرغبة" التي حصلت على جائزة كتارا للرواية العربية غير المنشورة عام 2016، كما أن له عدّة مجموعات قصصية من بينها "كونكان" (وهي آخر مجموعاته صدرت في العام الحالي)، وقد كتبت قصص المجموعة هذه بين عامي 2005 و2016، وتخيّم على مواضيعها الحياة في ظل الاحتلال الأميركي للعراق. أما مجموعاته الأخرى فهي "الصعود إلى برج الجوزاء"، و"ظل التوت الأحمر"، و"هي والبحر"، و"المحطات القصصية"، و"تحريض".
يُذكر أن رحيم ولد في محافظة ديالى، ودرس الاقتصاد في "الجامعة المستنصرية" في بغداد، وعمل في التدريس والصحافة، وقد عرف الوسط العراقي منذ بداية العام خسارة عدد من مثقفيه بدأت برحيل الشاعر والصحافي جمعة الحلفي، وعالم الاجتماع والمفكر فالح عبد الجبار، والروائي والمحقق لكتب المتصوّفة قاسم محمد عباس.