لطالما ارتبطت الآداب والفنون الأفريقية بـ مقاومة المستعمر خلال القرن الماضي، لكنها تبدو أخيراً أكثر سعياً -كما يظهره الكثير من الملتقيات الثقافية- إلى تفكيك المفاهيم الاستعمارية ذات الصلة بعملية الإنتاج المعرفية وحضور المركزية الأوروبية في كتابة التاريخ الأفريقي أو في التعامل مع أزماتها الراهنة.
يعدّ "بينالي الفنون المعاصرة الأفريقية" (داكار آرت)، الذي يعقد مرّة كلّ عامين، إحدى أبرز هذه التظاهرات منذ تأسيسه عام 1990، عبر التقاء الفنانين حول محور أساسي يُطرح لتكريس الجذور الثقافية في نضالات الشعوب؛ بخاصة في القارة السمراء.
اختار المنظّمون هذا العام "الساعة الحمراء" ثيمة للدورة الثالثة عشرة التي انطلقت في العاصمة السنغالية في الثالث من الشهر الجاري وتتواصل حتى الثاني من الشهر المقبل، وهي تحيل إلى مسرحية "وكانت الكلاب صامتة" للشاعر المارتينكي (1913 - 2008) الذي أمضى حياته في العمل السياسي والإبداعي ضد المستعمر الفرنسي، وتتناول كتاباته التحرّر الوطني والحرية والالتزام؛ القضايا التي تقاربها الأعمال المشاركة.
يلتقي هذه السنة التي تحلّ فيها تونس ضيف شرف، 75 فناناً من 33 بلداً في المعرض الدولي الذي يحمل عنوان "إنسانية جديدة"، ومن المشاركين فيه نذكر: كودزاناي تشيوراي من زيمباوي، وإيمو ميديروس من البينين، وبرتراند وويتي من الكاميرون، وكريستيان نيامبيتا من رواندا، ، وأليون بادارا سار من السنغال، ونديدي دايك وتيجوسو أولانرواجو من نيجيريا.
تركز اللقاءات والمداولات على "الفن الأفريقي المعاصر وتحوّلات الأطر الفكرية والمعيارية"، حيث يحاضر المؤرخ السنغالي شيخ انتا ديوب حول "الفنون والمعرفة"، والأكاديمي الكيني سيمون جيكاندي حول "الفن والتفكير الأفريقي".
كما تُعقد جلسة بعنوان "رسم خرائط المعرفة وسياسات الفن"، تتحدّث خلالها مانثيا دياوارا من مالي حول "عدم انغلاق الهوية في الفن الأفريقي المعاصر"، وتتناول إيملي أباتر من الولايات المتحدة "الفوارق الإقليمية: الترجمة والممارسة الحرجة"، إلى جانب ورقة بعنوان "من إنتاج المعرفة إلى إنتاج الجهل" لـ مارينا غارسيس من إسبانيا، وأخرى بعنوان "غرق القارب: الفنون التشكيلية السنغالية بعد سنغور" لـ مامادو ضيوف من السنغال.
الحضور التونسي يشمل خمسة عشر فناناً، هم: صديقة كسكاس، وحليم قارة بيبان، وسليم بن الشيخ، وعبد السلام عياد، ومحمود بوشيبة، وهالة لمين، وماجد زليلة، ونجاح زربوط، وهدى غربال، وفاتن شوبة، وسليمان الكامل، وسلوى العايدي، ومروان الطرابلسي، وثامر الماجري، وبسمة هلال.
تحضر كذلك أعمال لفنانين من المغرب؛ من بينهم: رندة معروفي، ويونس رحمون، ومنير فاطمي، ومحسن حراكي، وياسمينا علوي، ومبارك بوشيشي، ياسين بلبزيوي. ومن مصر يشارك كلّ من مجدي مصطفى، وأسماء بركات، ورنا أشرف، وإبراهيم أحمد، وغادة عمرو، إضافة إلى أمينة زبير من الجزائر.