يتضمن المعرض ستة عشر عملاً منها مجموعة للفن الأفريقي، ومجموعة "سكتشات ليبية"، التي بدأها منذ منتصف السبعينيات وقدّمت مضامين سياسية بالدرجة الأولى تعبّر عن مفردات استحضرها من بيئته الأولى، وكان أبرزها "الساطور" الذي أصبح لقباً ملازماً له طيلة حياته.
عبّر الساطور عن استبداد النظام السياسي وتهميشه للدولة والمجتمع ومحاصرته للمواطن الليبي داخل وطنه، والذي يعكس تجربة دهيميش الشخصية حين انتمى إلى الحركة الوطنية في مدينته بنغازي في ستينيات القرن الماضي، لكنه أصبح معارضاً لحكم القذافي الذي أدى إلى انقسامات سياسية عديدة تركت آثارها السلبية والمدمرة في حاضر البلاد ومستقبلها.
غادر ليبيا متجهاً إلى لندن عام 1975، واشتغل هناك في مهن عديدة ليؤمن لقمة العيش حتى بدأ نشر كاريكاتيراته في صحف ومجلات المعارضة الليبية كـ"الجهاد و"صوت ليبيا"، و"شهداء ليبيا" التي كانت تصدر حينها في الولايات المتحدة، لكنه لم ينضم إلى أي تنظيم سياسي وقرّر أن يبقى فناناً مستقلاً لا يعبّر عن أيديولوجية أو حزب بعينه.
درس دهيميش الفنون الجميلة في "كلية نيلسون آند كولن"، وبدأت محاولاته في التجريد مبتعداً عن الكاريكاتير لعدة أعوام، إلى أن عُرض عليه أن يعمل في الكلية التي تخرّج منها، ليمضي في تدريس التصوير والغرافيك حوالي أربع عشرة سنة، واقام في تلك الفترة عدّة معارض فردية كما بدأ تجربته في فن الشوارع والرسوم على الجدران، والتي أفادته لاحقاً في تطوير رسوماته الكاريكاتورية.
عاد الفنان مرة أخرى ليقدّم رسوماً ساخرة من نظام القذافي، كانت تلقى رواجاً لدى أوساط المعارضة قبل أن تلقى انتشاراً واسعاً مع بدء الاحتجاجات الشعبية في شباط/ فبراير عام 2011، لكنه لم ينحز بعد ذلك لأي من الأطراف المتحاربة حيث انتقد انتهاكاتها في عدد من رسوماتها.
إلى جانب "سكتشات ليبية" التي استوحاها من طفولته في بنغازي القديمة ومناظر البحر والسفن، توّجه في أواخر حياته إلى توظيف رموز أفريقية خاصة تلك المرتبطة بموسيقى الجاز وأجواء تغلب عليها البهجة التي تخفي وراءها سنوات من الألم والغربة وقسوة الواقع.