حاضر الأكاديمي القطري صالح الإبراهيم صباح اليوم في "مكتبة قطر الوطنية"، حول أدوات التسويق الاجتماعي للمكتبات، وتناول انعكاس ذلك على التنمية المعرفية للمجتمعات، وبين الفرق بين التسويق الاجتماعي والتسويق التجاري، مسلّطاً الضوء على آليات التطبيق من خلال وضع خطة تسويقية للمكتبات.
والحقيقة أن موضوع التسويق للمكتبات أمر في غاية التعقيد، وليس من السهل خاصة في البلاد العربية، تغيير أو لنقل تحديث المكانة والدور الذي تأخذه المكتبة وعلاقتها بالمجتمع المحيط بها، وفكرة محاضرة الإبراهيم تستدعي الوقوف عند بعض شروط وعوالم التسويق للمكتبة، وكيف يكون ذلك ممكناً.
التسويق بشكل عام يقوم على نوعين أساسيين، هما التسويق التجاري والتسويق الاجتماعي والنوع الأخير يستهدف جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية ويخدم الجمهور والصالح العام، أما التسويق التجاري فيستهدف ذوي المستويات الاجتماعية والاقتصادية المرتفعة نسبياً ممن تتوفر لهم القدرة الشرائية ويخدم منتج وموزع السلعة.
المقصود من مصطلح التسويق الاجتماعي آلية يتم خلالها توظيف الأساليب التسويقية لمصلحة الفئة المستهدفة وليس لمصلحة أو منفعة المسوّقين لأن ذلك لا يهدف إلى تسويق منتج أو خدمة بل التأثير على سلوك اجتماعي.
يتجاوز التسويق الاجتماعي نشر التوعية أو المعلومة أو خلق انطباع جيد، ساعياً إلى التأثير وتغيير السلوك بشكل ملموس يحسّن نوعية حياوة الفئة المستهدفة، ونجاح هذا النوع من التسويق يحتاج إلى رسائل لافتة وترويج لسلوك واحد وقابل للتطبيق.
أما التسويق في بيئة المكتبات فيهدف إلى تأسيس قنوات اتصال بين المكتبة ومستخدميها، للربط بين ما تقدمه المكتبة وما يريده المستخدمون وما يحتاجونه. وبالتالي لابد للمكتبة من إثبات أهميتها والدور الذي تؤديه لمواصلة تلبية احتياجات العملاء.
والتسويق للمكتبات بالعموم يحتاج إلى خليط من مكتبيين مبدعين وقادرين على التأثير في جمهورهم، وإلى مجموعة من التقنيات التي تحدث باستمرار وإلى نهج يركز على العميل (مستخدمي المكتبة من طلاب وباحثين وقراء) وتلبية احتياجاته.
يتطلّب تسويق المكتبات اجتماعياً أن نأخذ في عين الاعتبار عدّة عوامل؛ أهمها أن العملاء ليس لهم ملكية في المكتبة بل يستمدون قيمة المكتبة من خلال المواد والخدمات التي توفّرها، كما أن منتجات المكتبة تقدّم خدمات غير ملموسة من بيانات ومعرفة.
في حالة التسويق للمكتبة لا بد أن يُنظر إلى العميل كمشارك فعال يعطي تغذية راجعة تؤخذ في عين الاعتبار، وقد يصبح الناس العملاء أنفسهم جزءاً من المنتج الذي تقدّمه المكتبة كأن يكون هناك مستوى متقدم من التواصل بين مستخدمي المكتبة وموظفيها، فتتوفر فرص عمل تطوعي، ونوادي كتب وقراءات.
وقد تغيّرت فلسفة التسويق كلّها مع دخول القرن الحادي والعشرين، وهناك تغييرات يمكن تطبيقها على مستوى التسويق في المكتبات، يجملها في أنه لم يعد هناك ضرورة لقسم متخصّص في التسويق بل إن كل شخص يرتبط بالمكتبة مستخدما أو عاملاً فيها هو أحد المسوّقين الاجتماعيين لها، توسيع الحملات التي تستهدف فئات مختلفة من المجتمع مثل الشباب والأطفال وكبار السن والمستخدمين الناطقين باللغات المختلفة وذوي الإعاقة.
كما يمكن اللجوء إلى بناء أداء متكامل للمكتبة يعتمد على الاتصال بالمستخدمين ومعرفة رأيهم وحاجاتهم وانتقاداتهم، وتحويل المكتبة إلى مكان بديل للتعلّم بعيداً عن المدرسة والجامعة عبر إقامة ورش عمل ودورات تعليمية ومحاضرات وندوات بشكل مستمر وليس آنياً أو موسمياً.