لم ينته الجدل حول تشويه تمثال الخديوي إسماعيل الذي يحتضنه أحد ميادين مدينة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، في حادثة وقعت أكثر من مرّة في مدن مصرية خلال السنوات الأخيرة الماضية، بدعوى قيام مجالس المحافظات بترميم معالم ونصب قديمة أو إنشاء أخرى جديدة من دون العودة إلى الجهات المتخصّصة.
تصاعدت حملات الاستهجان والسخرية من قبل ناشطين وإعلاميين، وقد أوضحوا أن الأمر لا يتصل فقط بالضرر الجمالي والفني الذي لحق بالمنحوتة، من خلال تغيير لونها من الأخضر المطعم بالذهبي إلى الأسود الداكن والفضي، بل تجاوزه إلى مغالطات تاريخية كبرى تضمّنتها الكتابة على يسار التمثال.
حيث نقش عليه أن "الخديوي إسماعيل مؤسس الإسماعيلية عام 1869"، بينما تشير المراجع التاريخية إلى أن طوسون باشا هو أول من أطلق هذه التسمية على القرية التي تقع غرب بحيرة التمساح وتحمل اسمها وكان ذلك عام 1862.
وأضيف أيضاً إلى أن من إنجازات إسماعيل، خامس حكّام مصر من عائلة محمد علي باشا، تأسيسه لسكك حديد مصر عام 1856، رغم أنه لم يتول الحكم إلا في عام 1863 وكان تشغيل خط السكك قبل التاريخ الموضوع بعام أو عامين.
على وقع الاحتجاجات على ما لحق بتمثال أحد رموز الدولة المصرية الحديثة، أصرّ محافظ الإسماعيلية على ما حدث لا يعدّ تشويهاً، إنما استخدام الألوان بصورة خاطئة وسيتم العمل على تصحيح صورته مرة أخرى، كما عاد للتذرّع بأن النصب ليس معلماً أثرياً وهي ذات المقولة التي يعيدها المسؤولون كلما تعرّض عمل فني في أحد الأماكن العامة للتخريب في مصر، متغافلين أن معالم أثرية نالها الخراب ذاته.
من جهتها، أعلنت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم عن تشكيل لجنة مكوّنة من خبراء من قطاعي الفنون التشكيلية و"الجهاز القومي للتنسيق الحضاري" في الوزارة لمعاينة التمثال وبحث أسباب تشويهه.
يُذكر أن تمثال الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب قد تمّ رفعه في عام 2017 من ميدان باب الشعرية في القاهرة بعد طلاء وجهه باللون البني بدلاً من الذهبي، ليعاد الأمر ذاته مع تمثال أم كلثوم في منطقة أبو الفدا، كما طلي تمثال أحمد عرابي في قرية هرية روزنة باللون الأخضر بدعوى تجميله، ونُصب تمثال جديد في مدينة سمالوط للملكة الفرعونية نفرتيي يظهرها حولاء خلافاً لما تشير إليه الرسومات والنقوش الأثرية لها.