في الثامنة عشرة من عمره، غادر الشاعر اللبناني الراحل خليل مطران (1872 – 1949) مدينته بعلبك بعد أن عاد إلى بيته في شارع مار جرجس ووجد آثار الرصاص على جدران غرفته، حيث كان يلاحقه جنود السلطنة العثمانية بعد أن كتب قصائد ينتقد فيها ظلمها واستبدادها.
سافر حينها "شاعر القطرين" إلى باريس حيث درس الاقتصاد هناك، ثم انتقل إلى القاهرة عام 1900 حيث ساهم في تأسيس عدد من المطبوعات منها "المجلة المصرية" سنة 1902، إلى جانب اشتغاله في المسرح تأليفاً وترجمة وإدارة، واعتبرت نصوصه تجديداً في القصيدة العربية خاصة في ديوانه "الخليل".
طوال أكثر من مئة وعشرين عاماً، تعرّض منزل مطران في مسقط رأسه إلى الإهمال والنسيان، حتى أعلنت بلدية بعلبك منذ عامين، عن بدء عمليات ترميم وصيانة دار الشاعر، وتحويلها إلى مركز ثقافي يحمل اسمه، وإنشاء متحف خاص يضمّ ما كتب عن صاحب "ينابيع الحكمة" في الصحف والمجلات والدوريات العربية إضافة إلى صوره خلال فترة حياته وبعض مقتنياته الشخصية الخاصة، وقد نجحت البلدية في تدعيم البيت وإعادة تأهيل سقوفه، لكن أعمال الترميم لم تستكمل إلى اليوم.
في هذا السياق، يأتي افتتاح "معرض الشاعر خليل مطران للكتاب" السبت الماضي في دارته بمثابة تكريم للشاعر واستعادة أثره بعد طول غياب، والذي يتواصل حتى الثامن من الشهر الجاري، ومن المتوقع أن ينتظم سنوياً، بمشاركة دور نشر لبنانية وعربية.
في حديث إلى "العربي الجديد"، تقول كوثر عسيلي، أمين سر "جمعية سبت بعلبك الثقافي"؛ الجهة المنظّمة، إن "التظاهرة تهدف إلى إلقاء الضوء على الإهمال المتعرض له بيت شاعر الأقطار العربية خليل مطران فكان مكان المعرض في منزله المهجور، وإلى وضع الكتاب في متناول المجتمع البعلبكي خاصة والمحيط عامة بحسومات جيدة للتشجيع على القراءة".
تضيف "تأسّس المعرض كانت بجهد متطوّعين شباب فقط لا ينتمون إلى أي جهة سياسية؛ همّهم الأول النهوض بالمستوى الثقافي في المنطقة وإظهار الصورة الحقيقة لبعلبك، بعيداً عن ما ينسب إليها كمدينة خارجة عن القانون، حيث تمّ جمع تبرعات تغطية تكاليف إقامته وإطلاق الدورة الثالثة من مهرجان خليل مطران الشعري التي تنطلق السبت المقبل".
يتضمّن البرنامج محاضرات عدّة منها "هيكل سليمان في بعلبك" للباحث أسامة عبد الغني، و"خمسة أسباب لإعادة إحياء عمارة البيت التقليدي" للأكاديمي حسين شرارة، وأمسية قصصية للأطفال تحت عنوان "من بعلبك إلى بعلبك" يقدّمها الكاتب المسرحي رامز عوض.